الصندوق الأسود ؛ أسرار العقل الباطن
تاريخ النشر: 01/01/2021
الناشر: دار المجد للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:ثمة عناصر مشتركة بين الإنسان والكائنات الأخرى الموجودة في هذا العالم، وفي نفس الوقت فإنه يوجد العديد من الإختلافات بينهما، يتمثل أبرز هذه الإختلافات أن للإنسان عقلاً يجعله متميزاً عن غيره من الأشياء.
هناك عدة معاني لمفهوم العقل بحسب المجال الذي يستخدم فيه المفهوم، من الناحية الدينية، وظيفة العقل الأساسية ...هي الوصول إلى حقيقة خالق الكون وما أراد الله تعالى للإنسان في هذه الحياة؛ لأن معرفة ذلك وإطاعة الخالق فيه سوف تقود الإنسان إلى السعادة الأبدية، وهي الحيز الأسمى، ولذا عندما قيل للإمام جعفر الصادق عليه السلام ما العقل؟ قال: ما عُبِدَ به الرحمان، واكتسب به الجنان، أما من الناحية السيكولوجية فإن العقل يشمل الإحساس والإدراك والعواطف والشخصية.
وفي هذا الكتاب، فإن المقصود من العقل، كما يرى الباحث، ما يشمل القدرات التي يمتلكها الإنسان في مجالي التفكير والذاكرة، وبذلك يشمل مفهوم العقل كل من الذهن والإدراك والوعي.
هذا، وإن فضل ما حققه الإنسان عبر تاريخه الطويل، هو يعزى إلى الملكة العقلية التي يتمتع بها، لكن يبدو من المفارقات الطريفة أن الإنسان وهو يمتلك تلك القدرة لا زال يجهل إلى حدٍّ كبير الآلية التي يعمل بها عقله، فهو لا يعرف الكيفية التي تتكون فيها الأفكار لديه، أو كيف يتمكن من الإتيان بأفكار لا تخطر على بال الآخرين، كما أنه لا زال يجهل تفاصيل القدرة التي يمتلكها على تعلم اللغة وكيفية تحويله الأصوات إلى معانٍ.
هذه العمليات التي يمارسها الإنسان يومياً - وغيرها الكثير ما زالت تمثل لغزاً محيّزاً للباحثين، وفي محاولة لفهم الآلية التي يعمل بها عقل الإنسان، حاول الفلاسفة افتراض مجموعة من القوانين والطرق التي يعتقدون أن الإنسان يتبعها في عملية تفكيره.
وبتعدد هذه المحاولات ظهرت عدة أقسام في المنطق مثل: المنطق الثنائي، المنطق الثلاثي (الكذب، وعدم التحديد)، والمنطق الضبابي، هذه الأنواع المختلفة من المنطق هي: إما قواعد عامة لفهم منهجية التفكير البشرية، أو أنها تعالج جوانب محددة من العمليات العقلية اعتماداً على أن الإنسان في نشاطه العقلي يتبع أكثر من نوع من المنطق نتيجةً لهذه المحاولات ظهر منذ أرسطو - والذي يعدّ مؤسس علم المنطق - وحتى الوقت الحاضر، العديد من أقسام المنطق التي يعتقد أصحابها أن الإنسان يعمل من خلالها في نشاطه الفكري: هذا ولم تقتصر محاولة فهم آلية عمل العقل البشري على المنطق من خلال تبين القوانين التي يعمل من خلالها؛ بل تعدته إلى محاولة فهم الأساس الذي تتكون من خلاله هذه القوانين، وكذلك محاولة فهم التسلسل التي تتم به عملية اتخاذ القرارات لديه.
تبحث محاولة الفهم هذه في عملية الإدراك عند الإنسان بشكل عام بما في ذلك وعيه بما حول من أشياء موجودة في العالم، وتبين العلاقة القائمة بين التركيب الفيزيائي والعقلي لديه.
وإلى ذلك، فإن محاولات الفهم هذه هي التي أسست لظهور حقل مستقل في الفلسفة سُميّ بفلسفة الذهن Philosophy Of Mind والذي أخذ يحوز على اهتمام متزايد من قبل الباحثين في العديد من العلوم: النظرية منها والتجريبية على حدٍّ سواء.
ومن ضمن العلوم التي تهتم بفلسفة الذهن، وتقدم إسهامات مهمة فيه كل من: - علم النفس، وعلم اللغة، وعلم الأعصاب، وعلم الحاسب الآلي بأنواعه المختلفة.
للوهلة الأولى، لا يبدو أن هناك شيء في حياة الإنسان أوضح من الوعي Consciousness، فكما قال ديكارت فإنه يمكن أن نشك في كل شيء، ولكنه لا يستطيع أن يشك في أنه على وعي بأنه يفكر، فحالة الوعي والإدراك لا تنفك عن الإنسان إلا في حالة النوم العميق أو عندما يكون في حالة غيبوبة لسبب من الأسباب، ولذلك، فإن حالة الوعي بمعنى من المعاني مطابقة لمعنى الإستيقاظ...
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنه وإذا كان الجانب الواعي من تفكير وتصرفات الإنسان قد حظي بكثير من البحث من قبل الفلاسفة والمفكرين، وبشكل خاص مع تطور التقنيات الخاصة بقياس النشاط العصبي في مخ الإنسان، فإن الجانب غير الواعي (العقل الباطن) من تفكير الإنسان لا يزال يكتنفه الغموض في كثير من جوانبه.
ويعزى للعقل الباطن نسبة كبيرة من سلوك وتصرفات الإنسان، ولذا فإن سبر أغواره سوق يساعدنا على فهم الكثير من سلوكيات البشر، ومن ثم يمكن العمل على تعديل أو تحسين هذه السلوكيات.
من هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة الذي يحاول الباحث من خلالها لسبر أغوار العقل الباطن والكشف عن أسراره.
وقد شملت هذه الدراسة فصول هذا الكتاب الخمسة، وقد جاءت محاورها على الشكل التالي: 1- طبيعة العمل الباطن، 2- العقل الباطن والأحلام، 3- فوارق العقل الباطن، 4- العقل الباطن والتنويم المغناطيسي، 5- برمجة العقل الباطن. إقرأ المزيد