تاريخ النشر: 13/06/2022
الناشر: منتدى المعارف
نبذة الناشر:«يَستكمل هذا الكتاب مسيرةً بحثيةً بات لها نحو عقد من الزمن في بواطن العصبية؛ هذا المفهوم الحاضر الغائب دوماً في المجتمعات العربية. وبِما أنَّ هذا المفهوم مُغيَّب أكثر مما هو غائب، فما يَظهر منه أقل بكثير مما ينطوي عليه.
لذلك، كان لا بدَّ من الغطس عميقاً في أبعاده ما قبل ...السياسية (السهلة المنال)، بُغية تلمُّس وفهم وحصر أصوله ومنابعه المعرفية الأوليَّة في الاحتضان والتربية البيتية والأهلية التي تتحوّل، عند تبلُّرها، إلى سلوك اجتماعي متكامل. هذه المنابع تقع في التنشئة الاجتماعية، علماً أنَّه سرعان ما يتبَّين للباحث في مجال التنشئة الاجتماعية أنَّ التسمية الأدق لهذا المفهوم هو التنشئة المعرفية، ذلك أنَّ ما يحصل إبّان هذه العملية التي تبدأ منذ ولادة الطفل الرضيع وتتابع سيرها حتى سنوات الرشد هو تلقينٌ لطرائق تفكير وتخطيط وتنفيذ، على شكل معارف بسيطة تُحدِّد لاحقاً وعي الفرد في مجتمعه. من هُنا، وكما سنرى، ليست هذه المعارف اجتماعية المنابع، بل اجتماعية المصبّ.
وعندما سبك علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي هذا المفهوم على نحو «التنشئة الاجتماعية» إنَّما نَظَروا إلى النتيجة، ذلك أنَّ التنشئة البيتيَّة هي في الأصل تنشئة على وعي الوجود ككل، فلا تقتصر على المسائل الاجتماعية، بل تشمل جميع مناحي ما أسماه العلّامة ابن خلدون، العمران البشري، في الاجتماع والثقافة والمعتقد والاقتصاد والفنون.
لكن، بما أنَّ هذا المفهوم شقَّ طريقه على هذا الزيّ، سنتعامل معه كما هو موجود في سوق الأفكار وسوق المعارف العلمية، مع تنُهنا الدائم للطبيعة المعرفية لمقصده. من هنا، سنُقاربه مقاربة سوسيو-معرفية، تماشياً مع طبيعته، وهذا يعني أنَّنا لن نقتصر في سبرنا لمضامينه على تجلّياته النفسية البحتة، أو التلقينية البحتة، بل سنتوجَّه على الدوام إلى المعنى التربوي الأبعد لمهامه العملانية». إقرأ المزيد