تاريخ النشر: 17/05/2022
الناشر: ألفا للوثائق
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة المؤلف:اتسمت البيئة الدولية بالصراع والفوضى وغياب القانون والتنظيم منذ الأزل، فقد كان قانون الغاب يحكم العلاقات بين الشعوب والأمم لفترات طويلة في تاريخ البشرية، حيث كان قانون القوة العسكرية والهيمنة يفرض منطقه غالبا على التفاعلات الدولية، فرغم أن الكيانات في البيئة الدولية تشترك في هدف البحث عن الأمن والاستقرار الدولي، ...غير أن الاتفاق حول الآليات الكفيلة بتحقيق ذلك ظل غائبا، فقد ساد التخوف والشك في نوايا الأطراف الأخرى وهيمنت رغبات وطموحات السيطرة والتوسع على حساب الأقاليم الجغرافية للشعوب الأخرى، مما كان دافعا نحو الحروب والعدوان وعدم الاستقرار الدائم، وهذا ما كان دافعا نحو الاهتمام الكبير بالتسلح والسعي الدائم نحو زيادة القدرات العسكرية من أجل الدفاع والأمن ضد العدوان الخارجي، فقد أصبح التسلح عقيدة راسخة لا يمكن التخلي عنها لكل الفواعل والكيانات في البيئة الدولية، وهذا ما قلص من فرص التعاون والتنظيم والسلام والأمن الذي يعتبر هدف أساسي يشترك الجميع في البحث عنه.
لقد حاول العديد من المفكرين والفلاسفة نشر أفكار إيجابية تهدف إلى تغيير طريقة تفكير الإنسان السلبية النابعة من غرائزه الشريرة، ومنه تغيير حياته وواقعه من الصراع إلى التنظيم والأمن والاستقرار، فالصراع والفوضى الدولية هي نتيجة لطريقة تفكير الإنسان بصفة عامة وصانع القرار بصفة خاصة، وقد استمرت جهود تنوير العقل البشري لقرون طويلة خلال القرون الوسطى وحتى بداية مرحلة التاريخ المعاصر، والتي بدأت بوادر ظهور ثمارها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في أوروبا، حيث ظهرت مستويات ملموسة من التعاون في قطاعات حياتية متعددة، وهو ما مثل تحفيز وأساس لظهور التنظيم الدولي المعاصر خلال بداية القرن العشرين.
التنظيم الدولي المعاصر الذي ظهر مع نهاية الحرب العالمية الأولى من خلال إنشاء عصبة الأمم كان حصيلة تطور العلاقات الدولية والتعاون الدولي، وكان بمثابة المشروع الحلم الذي انتظرته البشرية لقرون طويلة، فقد غير شكل العالم ورسم معالم نظام دولي يختلف كليا عن سابقه، خاصة مع ظهور مفهوم الأمن الجماعي الذي يعبر عن وحدة مصير وأمن الجماعة الدولية، فرغم عدم نجاح عصبة الأمم في تجسيد الحكومة العالمية المنشودة والتنظيم الدولي المقصود، غير أنها كانت مرحلة مهمة في تاريخ تطور التنظيم الدولي المعاصر الذي بدأ ينضج ويعالج مشاكله تدريجيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بفضل هيئة الأمم المتحدة، فرغم ظهور نقلة نوعية في تطور صناعة الأسلحة واكتشاف الأسلحة النووية، إلا أن الصراع والحروب الشاملة تقلصت بشكل كبير، وظهرت بالمقابل مسارات كثيفة من التعاون والتكامل الدولي، تزامنت مع ظهور عدد كبير من المنظمات الدولية العالمية والإقليمية الحكومية وغير الحكومية، التي كان لها دور كبير جدا في تعزيز دور القانون الدولي وتجسيد التنظيم الدولي المعاصر، الذي أصبح إحدى السمات البارزة والخصائص المميزة للعلاقات الدولية المعاصرة. إقرأ المزيد