تاريخ النشر: 25/03/2022
الناشر: دار المقتبس
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:المِلّة في اللغة: الطريقة المسلوكة والسنة، والشريعة والدين، أو معظم الدين، وجملة ما يجيء به الرسل، أصلها اللغوي من قولهم: طريقَ مُمَلٌّ، أي: مسلوك ومعلوم.
والملّةُ اصطلاحاً؛ فقد استعملت في معنى الدين مراداً به الشرائع والنظم، إذ يقول الراغب الأصفهاني في "المفردات ما نصُّه: (الملّة كالدين، وهو اسم لما شَرَع ...الله تعالى لعباده...)، إلخ، على أنه لم يطلق القول بهذه التسوية بينها وبين الدين، بل فرّق بينهما الراغبُ وغيره، فقال السيد في "التعريفات": "الدين والملّة متّحدان بالذات، مختلفان بالإعتبار؛ فإن الشريعة من حيث أنها تُطاع تسمى ديناً، ومن حيث إنها تجمَعُ تسمى مسألة، ومن حيث إنها يرجع إليها تسمى مذهباً".
كما ذكر بعد ذلك فرقاً آخر من حيث الإستعمال، فقال: "وقيل الفرق بين الدين والملّة والمذهب أن الدين منسوبٌ إلى الله تعالى، والملّة منسوبة إلى الرسول، والمذهب منسوبٌ إلى المجتهد".
والراغب أشار إلى فرقين في الإستعمال، أحدهما قريب من هذا فقال: "والفرق بينها وبين الدين أن الملّة لا تضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي تستند إليه، نحو: ملّة إبراهيم، ملّة آبائي، ولا توجد مضافةً إلى الله تعالى، ولا إلى آحاد أمة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تستعمل إلا في جملة الشرائع دون آحادها، لذا يقال: مِلّةُ الله، ولا يقال مِلّتي وملّة زيدٍ، كما يقال: دين الله ودين زيد، ولا يقال: الصلاة ملّة الله".
والنحلة في اللغة: الدين، يقال: ما نحلتك؟ أي: ما دينك؟ وفلانٌ ينتحل كذا، أي: يدين به؛ وبه فُسِّر (إعطاء نحلة) في قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ﴾، فقيل: أي فريضة وديانة، والنَّحلة: النسبة بالباطل والدعوى، نَحلَهُ القول - كَمَنَعَ - نسبه إليه باطلاً - وانتحل فلانٌ شِعَّرَ فلانٍ: ادّعاه.
ولعل المعاني كلها ترجع في المادة إلى أصول واحد؛ هو العطاء، إذ النّحل - بالفتح أو الضم - العطاء مطلقاً أو بلا عوضٍ، ونحَلَ وأنحل: أعطى... إلخ.
والنحلة اصطلاحاً: فليس للكلمة دورانٌ شائع كالدين والملّة مثلاً؛ وما هناك إلا أنها وردت في كلام أصحاب المقالات الإسلامية، والمؤلفين في تاريخ الأديان، وأَعْرَف ما في ذلك اسما كتابي أبي محمدٍ عليّ بن أحمد بن حزم الظاهري المتوفي سنة (456هـ)، وأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (548هـ).
من هنا، يأتي هذا البحث الذي يناقش فيه الباحث فيما اشتهر من ملل البشر ونحلهم وتاريخها، وهو موجهّ لطلبة الوعظ والإرشاد من تخصص الأزهر الشريف، وقد تضمن ما للأسلاف في ذلك؛ إلى ما قمّص المحدثون من تاريخ تلك الأديان والمذاهب، على ما جدّ من أساليب هذا البحث وطرق ذلك الدرس.
وهنا يشير الباحث أنه وعند رجوعه إلى آثار الأقدمين وإلى بحدث المحدثين كان شديد التبصر، والتبصر والإستكمال والتدقيق، مبيناً أنه كان ملتزماً بالمنهج الأزهوني لأنه ما يكتب للأزهر ويلقى في الأزهر يجب أن يتصل حاضره بماضي لأزهر، ويعرض في صورة ما أَلِفَ أهل الأزهر، ويُنْسَجُ على أسلوبهم الأول في دقته، وأدب بحثهم في سلامته؛ حتى يتهيأ لهم حقّ الإنتفاع به؛ فلا يكون في نفوسهم غريباً، ولا يتنافر فيه ماضٍ وحاضرٌ، ولا ينسفُ فيه جديدٌ طائشٌ قديماً صالحاً، مؤكداً بأن ذلك الوصل والربط والعرض والأداء واجبٌ آخر، كان له في دراسته هذه من العبء ما له من الأهمية والمعنى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن منهج الباحث لم يكن تاريخياً فحسب؛ يقوم فيه الباحث مقام الواصف لا غير؛ بل ضمن هذه الدراسة مناقشات ومقارنات بحثَ فيها ما يخالف المقررات الإسلامية، أو يبدو فيه ذلك من تفسير لمظاهر الحياة الإقتصادية الإنسانية، أو حياة ملّةٍ بعينها أو يخله خاصة، أو بيان لمعتقد أو بحث عن أصوله؛ أو... أو... مما استقامت به اليوم يدُ العلم، واستشرف إلى تناوله في جرأة تختلف بإختلاف الكاتبين، وتجاوز حدّها في غير قليل من الأحايين. إقرأ المزيد