قوانين الوزارة وسياسة الملك
(0)    
المرتبة: 240,597
تاريخ النشر: 01/01/2022
الناشر: دار المقتبس
نبذة نيل وفرات:الماوردي هو: أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، ولد بالبصرة عام (364هـ / 974م) ورحل إلى بغداد وتعلم بها وعلم فيها، واشتغل بالقضاء في البصرة وبغداد، ووصل إلى منصب قاضي القضاة عام (429هـ / 1027م).
اشتهر الماوردي في الفكر الإسلامي ببحوثه السياسية، وتكاد أن تكون تلك هي صبغته، ...فكتب كتابه الهام الذي ارتبط باسمه، فيقال صاحب كتاب "الأحكام السلطانية" كما أفرد للوزارة كتاباً ضمنه "قوانين الوزارة وسياسة الملك"، كما ألف كتاب: "تسهيل النظر وتعجيل الظفر" وهو أيضاً في السياسة.
وقد ساعد المارودي في كتاباته السياسية قرية من الخلفاء والملوك والوزراء، وعمل سفيراً بينهم وبين خصومهم السياسيين، وكان الماوردي أديباً لغوياً، أثرى الأدب العربي، كما كتب في الأخلاق والتربية، كما وثقه بعض علماء الجرح والتعديل في الحديث، وكان فقيهاً شافعياً مجتهداً ينهج نهجاً علمياً يكاد يكون حديثاً، فيعرض لوجهات النظر المتعارضة والمختلفة في المسألة الواحدة ويرجح بينها، وينتهي لرأي، يرى فيه وجه الحق والصواب حتى انتهت إليه زعامة الشافعية.
وانفرد في تفسيره بعض الإتجاهات التي تدل على أصالة وعمق في التفكير، وتتميز جميع كتاباته بأسلوب واضح بليغ ينقي ألفاظه ومعانيه، ويؤلف بينها كأنها شعر منثور، وكان أخلاقياً في سيرته ومعاملاته بين الناس، توفي سنة (450هـ / 1058م) ودفن ببغداد بباب حرب.
وكان الماوردي قد تتلمذ على يد شيخين كبيرين: أحدهما أبو القاسم عبد الواحد بن الحسين الصميري والثاني: الشيخ أبو حامد بن محمد بن أحمد الأسفراييني، كما تتلمذ الماوردي في الأدب والشعر على عبد الله الملقب بالشيخ الإمام أبي محمد الباقي الخوارزمي (398هـ) الشافعي المذهب، كان فقيهاً أديباً فصيحاً خطيباً شاعراً يرتجل الشعر على البديهة، وكان من شيوخ الماوردي في الحديث الحسن بن علي بن محمد الجبلي، ومحمد بن عدي المنقري، ومحمد بن المعلى الأزدلي...
وللماوردي مؤلفات في مختلف العلوم: الفقه، واللغة، والأدب، والأخلاق، وسياسة الحكم.
ومن مؤلفاته المهمة في هذا المجال، كتابه: قوانين الوزارة وسياسة الملك، وبالرجوع إلى كتاب "المنتظم في تاريخ الأمم والملوك" لابن الجوزي (597هـ) يشير إلى أن الماوردي كتاباً يسمى "قوانين الوزارة" ويذكر ياتوت الحموي (626هـ) في كتاب معجم الأدباء أن للماوردي كتاباً يسمى: "قوانين الوزارة" كما جاء على ذكره ابن تغري بردي الأتابكي، واليافعي، والسبكي، والسيوطي، وخير الدين الزركلي في كتابه "الاعلام" حيث ذكر أن الكتاب يسمى "قانون الوزارة" وقد أطلع شهاب الدين أحمد النويري (733هـ) على كتاب "الماوردي" وقال: "أما صفة الوزير وما يحتاج إليه، فقد قال أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي في كتابه المترجم بقوانين الوزارة...". ونقل نصوصاً كثيرة عن صفة الوزير.
ومن هذا يتبين أن العنوان الذي وضعه الماوردي لهذا الكتاب هو "قوانين الوزارة، لذا ارتُأي أن تسمية الكتاب في هذه الطبعة هي "قوانين الوزارة" ويوجهه إلى أحد الوزراء، فهو رسالة قبل أن يكون كتاباً، وليس من السهل معرفة اسم هذا الوزير يقيناً، ولكن يبدو أنه ابن ماكولا، وزير جلال الدولة الذي ارتبط بصداقته للماوردي.
والوزير ليس هو الملك أو السلطان؛ فكلاهما بمثابة رئيس الوزراء في عصرنا، كما أن أيّاً منهما ليس الخليفة الذي هو رئيس الدولة بالمعنى الحاضر، فالملك أو السلطان يعينه الخليفة، وكان ملوك بني بويه - في عصر الماوردي - بأيديهم تقاليد الدولة كلها، بل كان الملك هو الحاكم بأمره في الدولة وفي الخليفة، يقول الماوردي في بداية رسالته: "وأنت أيها الوزير - أمدك الله بتوفيقه في منصب مختلف الأطراف، تدبر غيرك من الرعايا، وتتدبر بغيرك من الملوك، فأنت سانس مسوس، تقوم بسياسة رعيتك وتنقاد لطاعة سلطانك".
هذا وتعدّ هذه الرسالة من الرسائل الهامة في الفكر السياسي الإسلامي، فقد وضعت خصيصاً لقوانين الوزارة.
وأما منهج الماوردي في سائر مؤلفاته كما في هذا الكتاب والذي اتبعه، فهو المنهج الذي يعرض آراءه واتجاهاته مستنداً فيها إلى كتاب الله عزّ وجلّ وإلى سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان دقيقاً الإستدلال بهذين المصدرين، فكان مفسّراً وكان محدثاً، ولوحظ أنه كان يستند في بعض المواقف إلى أحاديث تتسم بالضعف.
ويبدو أن هذا يتفق مع منهجه من أحاديث المعاملات، فقد كان يقول: "أن أخبار المعاملات لا تراعى فيها عدالة المخبر، وإنما يراعى فيها سكون النفس إلى خبره، فتقبل من كل برٍّ وفاجر، ومسلم وكافر، وكبير وصغيرّ، كما يستشهد بالأمثال والحكم فلديه وخيرة كبيرة من حكم العرب والفرس، والروم والهند، كما يستدل بأقوال الشعراء العرب، مما يدل على أنه يتمتع بذاكرة حافظة داعية لأشعارهم، وفي المسألة الواحدة يسندها إلى أكثر من دليل، فينتقل من استدلال إلى استدلال.
وكان يعلل هذا التنقل فيقول: "إن القلوب ترتاح إلى الفنون المختلفة، وتسأم الفن الواحد"، وهذا الإتجاه يشجع القارئ على المتابعة والإستمتاع، ويميل في كتاباته إلى انتقاء الألفاظ والكلمات ذات النغم الموسيقي، ويكثر في تعبيراته من المحسنات اللفظية من بديع وبيان، فقد تأثر أسلوبه بعمداء الأدب العربي القديم مثل: "عبد الله بن المقفع"، و"عبد الحميد الكاتب"، "وعمود بن عثمان الجاحظ" وأسلوبه هذا خاص في مؤلفاته ذات الطابع التربوي والإرشادي والتوجيهي مثل كتاب "ادب الدنيا والدين"، وكتاب "الأمثال والحكم"، ففي هذه الكتب يخاطب الماوردي العواطف والقلوب.
وأما كتاباته ذات الإتجاه العقلي مثل كتاب "الأحكام السلطانية" و"الحاوي الكبير" و"أعلام النبوة"، فكان لهذه الكتب منهج خاص يتفق وطبيعة موضوعاتها، فيكاد يقتصر في استدلالاته فيها على الكتاب فلسفة، وإلى أقوال الفقهاء المسلمين.
وأما في تفسيره لآيات القرآن، فإنه يعرض لوجهات النظر المختلفة في المسألة الواحدة، وعندما تتعارض آراء المفسرين يلجأ إلى توقيف أهل اللغة وأقوال اللغويين والشعراء، وفي الآيات التي تتعلق بأصول الحكم فإنه يوليها جانباً كبيراً من اهتمامه وعنايته ويوضح اتجاهاته وآراءه السياسية فيها.نبذة الناشر:الماوردي هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري المعروف بالماوردي، ولقبه أقضى القضاة، ولد بالبصرة وتوفي في بغداد ودفن يها في مقبرة باب حرب، وقد انتقت كتب التراجم جميعها على أن وفاته كانت عام (450هـ) بعد أن بلغ ستاً وثمانين سنة، فيكون ميلاده على هذا الإجماع سنة (364هـ).
قطع الماوردي مراحل حياته الطيبة الحافلة بجلائل الأعمال في البصرة وبغداد وأعمالها من الأمصار القريبة، وقد كانت تلك الجهات في ذلك الوقت مسرحاً للفتن والوسائس من الداخل والخارج، ومقام الخلافة في بغداد من الضعف والوهن وفور العزيمة، بحيث أصبح الخلفاء آلات مسخّرة وأدوات لا قيمة لها بين الترك والديلم.
ففي أوائل حياة الماوردي كانت فتنة القرامطة ومذبحتهم الكبرى في الكوفة، كما كان اشتداد نفوذ الباطنية وشيوع دعوة ابن الصبّاح؛ وفي هذه الفترة من التاريخ الإسلامي كانت حكومة الفاطميين في مصر أيام خلافة العزيز بالله ثم الحاكم بأمر الله.
والقصد من هذا الإجمال لحوادث تلك الأيام، الدلالة على روح العصر في الأيام التي عاشها الماوردي، ومن أعجب ما يستوقف النظر، أن تكون أيام هذه الفوضى من أخصب العصور الإسلامية في الإنتاج الفكري، في العلوم والفنون والآداب.
ولعل السبب في ذلك هو قُرب ذلك العهد من النهضة العلمية الكبرى، التي وضع الرشيد والمأمون أساسها في أيام خلافتهما، تلك الأيام التي تُعدّ بحق العصر الذهبي الإسلامي.
فقد نبغ في هذا العصر كثير من الفلاسفة والحكماء أمثال ابن سينا، والخيام والمعري ومن النحويين واللغويين أمثال: القاضي أبو سعيد السيرافي النحوي مصنف "شرح كتاب سيبويه"، وعثمان ابن جنى مصنف "اللمع"، أبو نصر اسماعيل بن أحمد الجوهري صاحب "الصحاح"، من المحدثين أمثال الماوردي، مؤلف هذا الكتاب، والأسفرائيني، والقاضي أبو الطيب الطبري... وغيرهم كثير.
ومن الأدباء والكتاب أمثال: أبي اسحاق إبراهيم الصابي، والخطيب ابن نباتة الفارقي والصاحب بن عباد، وابن العميد الكاتب الشهير، والثعالبي صاحب التصانيف المشهورة... وغيرهم.
ومن الشعراء المجيدين أمثال أبي الحسن الأنباري، صاحب المرتبة المشهورة التي مطلعها: (علّوٌ في الحياة وفي الممات)، ومهيار الديلمي، والشريف الرضي... وغيرهم.
كل هؤلاء الأعلام النوابع كانوا معاصرين للماوردي، وإن من العوامل التي أدت إلى إحياء هذه النهضة، تشجيع الحكماء للعلماء العاملين، وقد كان للماوردي نصيب كبير من هذا التشجيع، وكان عظيم القدر، مقدماً عند السلاطين من آل بويه وعند الخلفاء العباسيين.
وقد ذكر الصقدي ما يدل على أن تصانيف الماوردي كانت معروفة ومشهورة؛ بل تدلّ على أنه كان ينافس غيره من علماء العصر في التأليف والتصنيف.
ومن مصنفاته تفسير القرآن، وسماه "النكت"، وكتاب "الحاوي" في الفقه يدخل في عشرين مجلداً، و"الإقناع"، و"أدب الدنيا والدين"، و"الأحكام السلطانية"، و"تعجيل النصر وتسهيل الظفر" وكتاب في النحو وتمتاز تآليفه بسهولة العبارة، وحسن التعبير، وجميل ديباجيته.
وإلى ذلك، فإن الماوردي لم يكن رجل علم وأدب فحسب، بل كان رجل بحث وتحقيق من أئمة المجتهدين وكبار الباحثين.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي اشتمل على رسالة الإمام الماوردي النفيسة الموسومة بقوانين الوزارة، وقد وقع عليها الإختيار لشهرتها وذيوع اسمها في كتب التراجم، وموضوعات العلوم.
وحسبك أيها القارئ أنها من تصنيف أمام كبير من أئمة الأدب والبيان، ومحقق جليل من شيوخ الحكمة والتشريع: أبا الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي، وقد تم وسمها بـ "أدب الوزير"، لأنها في الواقع فصول رائعة. إقرأ المزيد