تاريخ النشر: 01/01/2022
الناشر: دار المقتبس
نبذة نيل وفرات:لم تكن فكرة التشيع لآل البيت النبوي معروفة بين المسلمين، إلى أن ظهر في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه رجلٌ يسمى: عبد الله بن وهب بن سبا، ويكنى بابن السوداء، فابتدع فكرة التشيع لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه: ليفتّ في نصر الإسلام والمسلمين بما يبثه ...في نفوسهم من التعاليم التي إن أذعنوا لها فرّقتهم نكباء الخلاف، وتقطعت بهم الأسباب، فأصبحوا فرقاً متناكرةً، وشيعاً متلاعنة، تقف وجهاً لوجه في حومات الوغى بين السيف الباتر والموت الزؤام.
وذلك أن هذا الرجل كان يهودياً حَنِقاً على المسلمين، فتظاهر بالإسلام ولم يَنفُذْ إلى قلبه، ليتنكب بالدهماء عن الجادّة، ويصدقهم عن دينهم القويم بالختل والخداع وزخرف القول، ولم يرَ شيئاً أحب إلى المسلمين من نبيهم وآل بيته الطاهر، فاتخذ هذه المحبة سلاماً يُضلّ به جامعتهم، ويُقطّع أوصالهم وصار يقول: عجباً لكم أيها المسلمون، يكون فيم أهل بيت نبيكم ثم يُقصَون عن أمركم، وأمثال ذلك مما يوغر الصدر، ويضرم نار الفتنة، حتى تألّب جماعات من المسلمين في بلاد الحجاز والبصرة والكوفة ومصر على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، وأراقوا دمه الطاهر على كتاب الله الكريم وهو بين يديه، وانقسم المسلمون على أثر ذلك إلى موتورِ وواتر، تهراق بينهما دماء ذكية، وتذهب أرواحٌ كريمةٌ كان المسلمون في حاجة إليها احتفاظاً بدينهم واشتبقاءٌ لجماعتهم.
لذلك ترى ابن السوداء مضطرب الفكر، مختلف القول، لا يركن إلى مزعم حتى يلوي به آخر حسبما يرى من استعداد عقول السامعين لقبول ما يزعمه، فمرّة يزعم أن عليّاً حيٌّ لم يُقتل، وأن الله تعالى قد حلّ منه، وأخرى يزعم أن عليّاً هو الذي يحي بالسحاب، وأن الرعد صوته، والبرق سوطه، إلى غير ذلك من الأباطيل والشنع التي ينبو عنها الإسلام، ويبرأ منها إلى الله آل البيت النبوي الشريف.
وقد كانت دعوته في البدء سريّه، لا يجهر بها في تل الأمصار الكبرى التي تنقل فيها وطورد منها، إلا لمن وثق به أشدّ الوثوق، حتى ألق عصا النَّسيا بمصر، فجهر بفكرته، وبثّ دعاته في البلاد الإسلامية، فتبعه جمٌّ غفير من المسلمين، إلا أنهم ليسوا سواء فيما يزعمون، فمنهم غلاة، ومنهم معتدلون، وقد انحصرتهم فرقهم الكبرى في خمس: كيسانية، وزيدية، وإمامية، وغلاة، وإسماعيلية.
وموضوع البحث في هذا الكتاب هو هذه الفرقة الأخيرة، وعليه يمكن القول، بأن رسالة هذا الكتاب هي رابعة الرسائل المولية التي دارت حول "تعاليم الشيعة الإسماعيلية"، تلك الطائفة الكبرى التي دأبت على الدعوة إلى تعاليمها المذهبية أحقاباً طوالاً في الأمصار الإسلامية عامة، والقاهرة المعزّية خاصة، بعزيمة لم يعتورها الملل، وثبات لم يوهنه اضطهاد، حتى التفّ حول لوائها كثير من المسلمين، وأصبحت كدولة عزيزة الجانب، شديدة البطش، يمتدّ سلطانها من الشرق إلى الغرب، وتَجِفُ من بأسها قلوب الحلفاء والأمراء.
يقص المصنف في رسالته هذه من أبناء هذه الطائفة ما فيه حكمة بالغة، وموعظة حسنة، بعبارة موجزة تجمع إلى لباب التاريخ إلماماً من المقاصد السياسية التي تراءى له وفيضها من خلل تعاليم هذه الطائفة، وأصل نشأتها...
وعليه، فقد اشتملت هذه الرسالة على المواضيع التالية: 1- مبدأ التشيع في الإسلام، 2- الشيعة في مصر، 3- الشيعة الإسماعيلية، 4- من هم الإسماعيلية؟، 5- أسماء الإسماعيلية، 6- تعاليم الإسماعيلية، 7- ابتداء الدعوة إلى تعاليمهم، 8- صورة العهد الذي يأخذه الداعي على المدعو، 9- مراتب الدعوة، 10- مبعث هذه المراتب، 11- الإسماعيلية في المشرق. إقرأ المزيد