بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة
(0)    
المرتبة: 172,860
تاريخ النشر: 01/01/2006
الناشر: المكتبة العصرية للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:عُني العرب بتدوين تاريخهم عناية قلّ أن تساويهم فيها أمة من الأمم، وافتتنوا افتتاناً يدعو إلى العجب والإعجاب؛ فمن ذلك ما ألقوه في تاريخهم السياسي من الكتب والأسعار الطوال، ومنه ما وضعوه في تراجم الرواة؛ ورواة الحديث على الخصوص، أو ما صنفوه في تاريخ البلدان وتراجم من نشأ فيها، ...أو رحل إليها من العلماء، وخاصة البلاد التي زخرت بالمدارس والمعاهد، وعمرت مجالسها بصنوف المعارف والآداب.
كما ألفوا في طبقات شتى من الناس، كالفقهاء، والحكماء، والأطباء، والأعيان، والشعراء...
وكان علماء اللغة والنحو من هؤلاء الذين عُني بهم فريق من المصنفين عناية خاصة؛ فدوّنوا أخبارهم، وأحصوا كتبهم وآثارهم، وحددوا مواليدهم وأعمارهم ووفياتهم، وتتبعوهم في رحلاتهم، وبسطوا القول في مذاهبهم وآرائهم، وتعرّضوا لنقدهم في كثير من الأحيان؛ إذ كان هؤلاء العلماء هم الذين جمعوا اللغة وحملوها، ووضعوا الكتاب والمعاجم فيها، وكانوا أيضاً هم الذين استقرؤوا كلام العرب، ودرسوا مختلف الأساليب، ثم وضعوا أصول النحو والصرف والرسم والنقط والشكل، ثم هم الذين رووا الأبيات السائرة، والقصائد الرائعة، وميّزوا الجيّد من الزائف، والصحيح من النحول، وبفضلهم حُفِظَ على الأيام أسمى ما صدر عن القرائح، وأفصح ما تضمنت به أخيلة الشعراء.
وكان من أوائل من ألف في هذا الشأن محمد بن يزيد المبرّد، وأحمد بن يحيى المعروف بثعلب ومحمد بن عبد الملك التاريخي وعبد الله بن جعفر بن در ستويه؛ ألفوا كتباً صغيرة أوردها ياقوت في مقدمة معجم الأدباء.
وفي القرن الرابع ظهر كتابان جليلان هما كتاب "طبقات النحويين واللغويين" لأبي بكر محمد بن الحسن الأشبيلي، وكتاب "مراتب النحويين" لأبي الطيب اللغوي من علماء بغداد ثم حلب...
وهكذا توالى وتبارى مؤلفو علم اللغة من اللغويين وغيرهم من التأليف، ليأتي العالم الجليل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، فوضع كتابه الذي بين يدي القارئ "بغية الدعاة في طبقات اللغويين والنحاة"، الذي أودعه صفوة جميع الكتب التي سبقته في هذا الشأن، وزاد عليها ما انتقاه من كتب الأدب والتاريخ والتراجم ومعاجم الشيوخ والتذكرات، وزاد عليها ما انتقاه من كتب الأدب والتاريخ والتراجم، ومعاجم الشيوخ والتذكرات، ومقدمات الكتب، عدا مشاهداته وأخبار شيوخه وعلماء عصره.
وأصل هذا الكتاب؛ على ما بينه السيوطي؛ مجموعة كبيرة أودع فيها جمع ما في كتب الأدب والتاريخ "من ترجمة نحويٍّ طالت أو قصرت، خفيت أخباره أو اشتهرت"، قال: فلما حللت بمكة المشرّفة سنة تسع وستين، وقفت عليها صديقنا الحافظ نجم الدين بن فهد... فأشار عليَّ أن ألخص منها طبقات في مجلّد؛ يحتوي على المهم من التراجم، ويجري مجرى ما ألفه الناس من المعاجم، فحمدت رأيه... ولّخصت منها اللباب في هذا الكتاب".
هذا وقد ترجم الإمام الحافظ السيوطي على حروف المعجم، وتبدأها بالمحمدين ثم بالأحمدين تبرّكاً، وجعل في آخرها باباً في الكنى والألقاب، والنسب والإضافات، مرتّباً على الحروف، وآخر في المؤتلف، وهو المتّفق خطّاً، المختلف لفظاً، وثالثاً في الآباء والأبناء والأحفاد والأخوة والأقارب، ورابعاً في أحاديث متقاة من الطبقات الكبرى له، وذكر في آخره أنه فرغ من تأليفه في شهر شعبان سنة إحدى وسبعين وثمانمئة ٨٧١هـ.
هذا وقد امتاز كتاب السيوطي "بغية الدعاة..." عن بقية الكتب التي سبقته بأنه أشمل كتاب ألف في هذا الفن؛ أتى فيه على ما في الكتب السابقة وأضاف إليها ما فاتها من تراجم، وما وقع له من أخبار شيوخه ومعاصريه؛ كما أنه نقل عن كتب أصبحت مفقودة، وأخرى ما زالت في دور الكتب مخطوطة، مصوّباً نصوص كثير من الكتب المطبوعة التي رجع إليها، مكملاً نواحي النقص فيها، كاشفاً الغموض عما أبهم منها؛ فهو بهذا الإستيعاب الشامل، وذلك الترتيب الدقيق الكامل، وما ألحق به من أبواب تدني أقاصيه، وتقرّب نواحيه، يستأهل أن يكون غُنْيَةَ المتأدبين، ومرجع الباحثين، وعمدة الدارسين.
ونظراً لأهمية هذا الكتاب فقد تم الإعتناء به، حيث رجع المحقق في تحقيق هذا الكتاب إلى نسخ بينها في مقدمة الكتاب، بالإضافة إلى ذلك فقد أغنى الكتاب بهوامش توضيحية، وفهارس: فهرساً للأعلام المترجمين، فهرساً للشعر، وفهرساً للأماكن والبقاع، وفهرساً للأمم والقبائل والطرائف.
وأخيراً، عمد إلى بيان مراجع التحقيق التي رجع إليها في عمله. إقرأ المزيد