تاريخ النشر: 01/01/1959
الناشر: دار المكشوف
نبذة نيل وفرات:لا يصح الكلام على الفروسية العربية الخالصة إلا في الجاهلية وصدر الإسلام، في أيام القبائل وغزواتها، وفي فتوح العرب المسلمين واستيلائهم على الأمصار والبلدان. فإذا تجاوزنا هذين العصرين إلى ما بعدهما من الأعصر العباسية والأندلسية، تجلت لنا الفروسية الإسلامية على اختلاف شعوبها، وتنوع ثقافاتها، وتباين عقائدها وعاداتها، تضم إليها ...العربي والفارسي والتركي والبربري والإسباني وسواهم من الذين أسلموا وجاهدوا في سبيل الدين والعقيدة، أو في سبيل الدين والوطن. فالكلام على الفروسية الإسلامية أشمل وأوسع من الكلام على الفروسية العربية، كما أن الكلام على الفروسية المسيحية أشمل وأوسع من الكلام على الفروسية الفرنسية. وربما اكتفى الكتّاب فأطلقوا اسم الفروسية العربية على الفروسية الإسلامية أيضاً كما فعل مصنف هذا الكتاب، لأن كلامه على تنظيم الفروسية الدينية والاجتماعية في الإسلام جاء موجزاً كل الإيجاز، فلم يتبسط في بحثها وإظهار صفاتها وأحوالها كما تبسط في الكلام على تقاليد الفارس العربي في جاهليته وصدر إسلامه.
ومصنف هذا الكتاب، واصف غالي باشا، من مشاهير رجال السياسة في مصر، وأحد رجال الوفد الذين سافروا إلى لندن سنة 1920 لمفاوضة الحكومة الإنكليزية في قضية الاستقلال، وهو إلى ذلك من الكتاب المعروفين في اللغة الفرنسية، وله ديوان شعر وعدة كتب تاريخية واجتماعية وحقوقية، من جملتها كتابه هذا في تقاليد الفروسية العربية، وضعه بالفرنسية، فلم يطلع عليه من أبناء العرب إلا أقلهم، وبقي معموراً لا يلتفت إليه كاتب ولا أديب منهم، حتى وقع عليه جوزف سمعان، وهو ضابط أديب له عناية خاصة بدراسة صفات الخيول العربية، فحمله الإعجاب به على نقله إلى لسان العرب، فأخرجه بلغة سهلة واضحة لا يبدو عليها تعب الترجمة ولا إبهامها، فجعله قريب المنال من القراء، وأسدى يداً لصاحبه إذ مهد له بهذه الترجمة سبيل الانتشار بين أبناء العربية.
والكتاب يستحق هذه العناية، لأنه يشتمل على دراسات حسنة للفروسية العربية، والإسلامية، ومقارنات بينها وبين الفروسية الغربية، مع ما فيه من بسط لتقاليد البدو وعاداتهم في الحرب والسلم، في الحب والزواج والطلاق، في الضيافة والجوار والنجدة، إلى ما هنالك من الفضائل التي كان يفاخر بها الفارس العربي، ويجعلها من شروط السيادة في القبيلة، ولاسيما الفروسية، فإن العرب كانوا يتساهلون في بعض الفضائل التي يريدون أن يكون السيد متحلياً بها كالغنى والكرم والحلم، ولكنهم يأبون التساهل في فضيلة الفروسية، فقد ذكر الرواة أنهم سوّدوا الفقير والبخيل والظالم والغلام، ولم يذكروا أن جباناً ساد يوماً بني قومه. فعامر بن الطفيل كان بخيلاً قليل العطاء، وكان ظالماً جافي الطباع متكبراً، ومع ذلك ارتضت بنو عامر بسيادته لشجاعته وإقدامه.
وفي هذا الكتاب أقوال كثيرة مأخوذة من كلام العرب أو كلام المؤرخين، فاعتمد الناقل في أكثرها على التعبير الفرنسي فترجمه، ورجع في أقلها إلى الأصول العربية فأثبته بحروفه. إقرأ المزيد