تاريخ النشر: 21/08/2020
الناشر: دار الفارابي
نبذة الناشر:"جَلَستُ بِقُربِ مَن أَحبَّتها نَفسي أَسمَعُ حَدِيثَها، أَصغَيتُ ولم أَنبس بِبنتِ شَفَة فَشَعَرتُ أَنًّ في صَوتِها قوَّةً اهتزَّ لَها قَلبي، اهتِزازاتٌ كَهَربائِيَّةٌ فَصَلتْ ذاتي عَن ذاتي فَطارَتْ نَفسي سَابِحةً في فَضاءٍ لا حَدَّ له ولا مَدى تَرى الكَونَ حُلْماً والجسَدَ سِجناً ضَيِّقاً.
سِحرٌ عَجيبٌ مَازَجَ صَوتَ حَبيبَتي وفَعَلَ بشواعري [بمشاعري] ما ...فَعَل وأنا لاهٍ عَن كلامِها بما أَغناني عَن الكَلام.
هي الموسيقى أيُّها الناس سَمِعتُها إِذْ تَنَهَّدَتْ حَبيبَتي بُعَيْدَ بَعضِ الكَلِماتِ وابتسَمَتْ في بَعضِها، سَمِعتُها لَمَّا حَكَتْ تَارَةً بألفاظٍ مُتَقَطَّعَةٍ وآوِنَةً بجُمَلٍ مُتَواصِلَةٍ وأُخرى بِكَلِماتٍ أَبقَتْ تِصفَها بَينَ شَفَتَيها.
تَأثيراتُ قَلبِ حَبيبَتي رَأَيتُها بِعَينِ سَمَعي فأشغلتني [فشَغَلتني] عَن جَوهَرِ حَديثِها بِجَواهِرِ عَواطِفِها المتَجَسِّمَةِ بِموسيقى هي صَوتُ النَّفْس.
بلى فالموسيقى هي لُغَةُ النفوسِ والألحانُ نُسَيْماتٌ لَطيفَةٌ تَهزُّ أَوتارَ العواطِف، هي أَنامِلُ رَقِيقَةٌ تَطرُقُ بَابَ الشواعر [المشاعر] وتُنَبِّهُ الذاكِرَةَ فتَنشُرُ هَذهِ مَا طَونُهُ الليالي مِن حَوادِثَ أثّرَتْ فيها بِماضٍ عَبَر.
هي نَغَماتٌ رَقيقةٌ تَستَحضِرُ عَلى صَفَحاتِ المخَيِّلَةِ ذِكرى ساعاتِ الأَسَى والحُزنِ إذا ما كانَتْ مُحزِنَةً أو ذِكرى أُوَبْقَاتِ الصفا [الصفاء] والأفراحِ إذا كانَتْ مُفرِحَة.
هي مَجموعُ أَصواتٍ مُحزِنَةٍ تَسمَعُها فتَستَوقِفُكَ وتَملأُ أَضلُعَكَ لَوعَةً وتُمثِّلُ لَكَ الشقاءَ كالأَشباح.
هي تَأليفُ أنغامٍ مُفرِحَةٍ تَعيها فَتَأخُذُ بِمَجامِعِ قَلبِكَ فَيَرقُصُ بَينَ أَضلُعِكَ فَرَحاً وَتِيهاً.
هي رَنَّةُ وَتَرٍ تَدخُلُ سامِعَتَكَ مَحمولَةً بِتَموُّجاتِ الأَثيرِ فَقَد تَخرُجُ مِن عَينَيكَ دَمعَةٌ مُحرِقَةٌ أشارَتها [أثارتها] لَوعَةُ نَأي حَبيبٍ أو آلامُ كُلومٍ خَرَقَها نابُ الدَّهر، ورُبَّما خّرَجَتْ مِن بَينِ شَفَتَيكَ ابتِسامَةٌ كانَتْ والحقُ عُنوانَ السعادَةِ والرخاء. إقرأ المزيد