مواهب الليل في شرح دعاء كميل
(0)    
المرتبة: 214,912
تاريخ النشر: 08/12/2019
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:كميل بن زياد متابعي معروف له مقام كبير في الزهد والعلم والعرفان، ومن أصحاب الإمام علي عليه السلام، واليهُ ينسب دعاء الإمام عليه السلام، وهو من أجلاّء علماء وقته وعقلاء زمانه ونسّاك عصره وفضلاء أوانه... كان صاحب سرّ أمير المؤمنين علي عليه السلام وحقائقه ومكاشفاته بلا واسطة – وفي ...حديث كميل بن زيان العارف من كمّل أصحاب أمير المؤمنين وقصة سؤاله إياه وجوابه له بما لا يدركه إلا المنشرح صدره بالإيمان"، سأل كميل عن الحقيقة فقال عليه السلام: مالك والحقيقة، قال: أولستُ صاحب سرّك؟ قال: بلى ولكن يترشح عليك ما يطفح مني، قال: أو مثلك يُخَيّبُ سائلاً!؟... فقال: الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة، قال: زدني بياناً، فقال: نور يشرق من صبح الأزل فيلوح على هياكل التوحيد آثاره، قال: زدني بياناً، فقال: أطفئ السراج فقد طلع الصبح"، عن كميل: قال سألت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: أريد أن تعرفني نفسي؟ قال: يا كميل أي نفس تريد؟... قلت يا مولاي هل هي إلا نفس واحدة؟... فقال: يا كميل، إنما هي أربع: النامية النباتية، والحسية الحيوانية، والناطقية القدسية، والكلمة الإلهية، ولكل واحدة من هذه خمس قوى وخاصتان، فالنامية النباتية لها خمس قوى ماسكة وجاذبة وهاضمة ودافعة ومربية، ولها خاصيتان: الزيادة والنقصان، وإنبعاثها من الكبد، وهي أشبه الأشياء بنفس الحيوان.
والحيوانية حسيّة ولها خمس قوى سمع وبصر وشم وذوق ولمس، ولها خاصتان: الرضا والغضب، وإنبعاثها من الكبد، وهي أشبه الأشياء بنفس الملائكة ولها خاصتان النزاهة والحكمة، والكلمة الإلهية: وبها خمس قوى بقاء في فناء ونعيم في شقاء وعزُّ في ذلّ وفقر في غنى وصبرٌ في بلاء، ولها خاصتان: الحلم والكرم، وهذه التي مبدؤها من الله تعالى وإليه تعود لقوله تعالى: ((فنفخنا فيها من روحنا))... [سورة الأنبياء: آية 91]، وأما عوده فلقوله تعالى: ((يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية))... [سورة الفجر: آية 27- 28]، والعقل الوسط الكل لكيلا يقول أحدكم شيئاً من الخير والشرّ إلا لقياس معقول...
وقد اتفق علماء الرجال من الخاصة والعامة على وثاقة كميل النخعي وعلوّ درجته، فقد ذكره ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب فقال: وقال ابن سعد: شهد مع علي صفين، وكان شريفاً مطاعاً، في قومه، قتله الحجاج، وكان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر المدائني في عبّاد أهل الكوفة، كان النخعي ممن سيرهم عثمان إلى الشام فسُمُّوا بالمسيرّين.
وكان لهذا الصحابيّ الجليل المكانة الرفيعة الشريفة لدى أمير المؤمنين، وإن هذه المكانة العالية التي كان يتمتع بها ذلك الصحابي لهي درجةٌ لا يمكن لشخص عادي الوصول إليها، فقد وصلها هذا العابد الناسك بفضل إخلاص عرفه الله تعالى في نيته، وصفاء في سريرته، فقد جاءت كثير من الروايات توضح بأنه كان تابعياً مخلصاً، وشيعيّاً متعبداً، فقد لازم أمير المؤمنين فكان من خواضّ وخواص المسن.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي تضمن شرحاً لدعاء كميل الذي هو من أرقى الأدعية وأعلاه شأناً، به ناجى أمير المؤمنين عليه السلام ربه، وأظهر فيه جامله وجلاله، وكشف أسرار العبودية والربوبية التي هي غاية ما يطلبه الأنبياء والأولياء.
وقد اشتمل الدعاء الشريف على الكثير من المعارف والأسرار الربانية والقواعد التربوية العظيمة في أدب العبودية وتهذيب النفس وتربية الإنسان، وإيصاله إلى سعادته الروحية في حياته الدنيوية والأخروية، ويقول الشارح بأن ما حفّزه على شرح هذا الدعاء العظيم توفره على خصائص: الأولى: اشتماله على رصيد معنوي كبير يعلم العباد آداب المناجاة والمؤانسة مع الله سبحانه، ويرشدهم إلى ما يجب أن يؤملهم وما يقلقهم في مسيرة حياتهم، الثانية: هيمنته على الأرواح والنفوس بما يحفّز بها كوامن التهذيب والتربية الإنسانية العالية، والثالثة: ما يحتويه من خزين علمي ومعرفي عظيم يفتح للطالبين نوافذ العقول والقلوب، ويرتقي بهم إلى مصاف العارفين بالله تعالى، التائقين إلى حبه، والممسوسين في ذاته، الرابعة: ما له من آثار وبركات كثيرة تغمر حياة الناس ماديّاً ومعنويّاً. إقرأ المزيد