تاريخ النشر: 19/06/2019
الناشر: مؤسسة الإنتشار العربي
نبذة نيل وفرات:" فرّ من يده "
عندما تُغلق الأبواب دوني وتحاصرني مشاكل الحياة ، أهرع إلى السوق أتجول فيه سيراً على الأقدام حتى يهدني التعب ، وينهكني الإجهاد ، فيذهب – بقدرة الله – ما في نفسي من ضيق ، وكثيراً ما تؤتي هذه الطريقة ثمارها معي ، فالسير ...ينشّط الذهن ، وشيئاً فشيئاً يمكن التغلب على عقبات الحياة . هذه المرة أجدني فرغت من تجوالي في السوق ، وتحققت مآربي ، فعقدت العزم على الإياب إلى المنزل ، وكانت هناك المفاجأة حين لم أجد سيارتي . بحثت عنها هنا وهناك ، ونقبت في المواقف والطرقات دون جدوى ، فتملكني خوف وفزع جعلني أتخبط في السوق على غير هدىً ، أحياناً أكلم نفسي ، ومما يصعّد الأمر ويزيده سوءاً نسياني التام أين أوقفتها ساعة قدومي إلى هنا . تقدمت إلى رجل المرور لعلي أجد عنده ما يطمئنني فهو أملي المتبقي ، مع أنني لم أعتد الوقوف في الأماكن الممنوعة ، ولكن قد يكون تزاحم المشاكل في رأسي أوقفني في تلك الأماكن المحظورة سهواً . وجاء تأكيد رجل المرور على ذلك الأمل حيث أخبرني أن من دأب المرور في أسبوعه السنوي الإقتصار على الإرشاد دون تطبيق المخالفات ، فأيقنت سرقتها إذ لا احتمال غيره . أخذت أراجع وقت حضوري إلى السوق كالغريق الذي يمسك بأي شيء أمامه في محاولة للخلاص ، فلم أهتد إلى شيء ، رجلاي تكادان لا تحملاني من هول ما أنا فيه ، تمنيت الأمر رؤيا منامية لكنها حقيقة . نصحني بعض من ألمّ بحالتي أن أبلّغ السلطات فوراً ، فوافقته على تردد ، الأفكار تلهب رأسي ، والهواجس تخنق الأمل في نفسي . ذرعت السوق جيئة وذهاباً أنقّب وأبحث بعيون زائغة ولبٍّ مأخود ، شفاهي ملتصقة ، وقلبي يخفق بشدة ، وبعد يأس انقلبت أنشد سيارة أجرة تقلني إلى مركز الشرطة ، وما أن قذفت بجسمي المنهك داخلها ، وأحكمت إغلاق بابها حتى ندت عن ضحكة غريبة ، التفت على السائق على أثرها مستغرباً تعلو محياه حشدٌ من الأسئلة ، وقال : أتضحك وأنت في هذه الحالة ؟ فأجبته : لقد تذكرت شيئاً طريفاً . اعتدل في جلسته وقد شهد على وجهي تغيراً ملحوظاً ، وقبل انطلاقه بالسيارة سألته : على أين ؟ التفت نحوي بريبة محتفظاً بالباقي من هدوئه واتزانه وصاح : إلى الشرطة طبعاً ! ! فرجوته بلطف وأنا أكتم ضحكتي : لا .... لا إلى البيت لو سمحت . ركّز نظره على مقود السيارة ، وهو يستمع إلى أوصاف الطريق المؤدية إلى منزلي ، وهناك ألقيت سيارتي جاثمة أمامه " [ ... ] . الواقع بمعطياته الحياتية ، والإنسان بتناقضاته واستشفافاته .. بافراحه وأتراحه .. ألمه وأمله .. يأسه ورجائه .. هو حاضرٌ في هذه المجموعة القصصية التي مثلت قبساً من حياة الإنسان وهي إلى هذا قصص قصيرة جداً ، وكما يذكر الكاتب .. قصة غير مكتملة فرضتها الظروف الراهنة المرتبطة بمزاجية المتلقي المحبّ للشيء القصير المختصر غير المجهد في شتى الفنون ، في زمن يتميز بسرعة الإيقاع . إقرأ المزيد