قرابين مشتعلة - دراسة وتحليل في أدب جورج شامي
(0)    
المرتبة: 307,937
تاريخ النشر: 31/05/2019
الناشر: دار نلسن
نبذة نيل وفرات:يقول " روبرت لويس ستيفنسون " الكاتب والرحّالة السكوتلاندي : " لا تقيّم أيامك بمقدار ما تحصد من الغلات ، بل بمقدار ما تغرس من البذور " . هذا الفرس الذي تعلّق به الزارع وتعهده هو الفرس الأدبي عينه الذي تعوّد جورج شامي على زرعه في بستانه الأدبي فأينع ...أيّما إيناع ، من سبعين سنة ، أي منذ خمسينيات القرن العشرين ، أدب وصل بصاحبه إلى حدّ الترهّب والتنسك في صومعة الكتابة ومحراب الرواية ومعابد القصة ، وذلك في حمأة البناء والخلق ، ألم يقل جورج شامي حول تجربته في الأدب والصحافة والحياة أنها شبيهة بالحرص على استخراج الألماس من الفحم والتبر من الصلصال ! [ ... ] . في هذه القراءة النقدية ، كان لا بد للناقد ، وكما يذكر ، من وقفة له أمام تجربة جورج شامي في واقعيتها اللامحدودة .. حتى يستعيد الصوت صوته .. وتقف المسميّات في حضن التاريخ ، ليس للذكرى فقط ؛ بل لنتوّج المعرفة ، حرزاً للإنسان بها وإليها يعمل ويطمح ويصبو قبل أن يستريح وقبل أن يقول في ذاته إكتفيت ، حيث تظهر العظمة جليّة ، حين يصنع الإنسان عظمته لا أن يستجديها من أحد ، أو يطلب شيئاً من أحد يفقد من أجله نقاوة قلبه أو عزة نفسه . أراد جورج شامي أن يكون للأدب سلسلة من المطالعات الذهنية ، تحوّل المألوف وتبدّل الكليشهات التي طالما استعبدت ، من قِبل كثير في ميداني الصحافة والأدب . إنها الخمسينات في القرن الماضي إذن ، حيث كل البدايات والحظوظ والآفاق الجديدة التي بدأت تبزغ بأنوارها ، واحة رخاء أدبية وازدهار ما بعده ازدها على الرغم من الفقر المادي ، وانسداد الأفق والتفاوت الاجتماعي والطبقي بعد الحرب الكونية الثانية وزوال الإنتداب عن لبنان . في ذلك الزمان ، لمعت أنجم دور النشر والصحف والمجلات والدوريات ومنشورات ، وصدرت الكتب .. في هذا الخضم بدأ جورج شامي يعدّ العدّة ، ويتحضر للشروع في رحلته الطويلة التي رسم دروبها منذ عقود طويلة ، ومع حلول سنة 1019 صدور مذكراته في ثلاثة أجزاء ، نعود إلى قرنين حين نُشِرَ حوار مع جورج شامي في مجلة " الغد العربي " القاهرية ، سأله خلاله حسن حامد : متى تخرج إلى النور سيرتك الذاتية ؟ فأجاب : " لقد باشرت في كتابتها وستكون " روايتي الوحيدة " ... وقد تأتي في ثلاثة أجزاء وسأعتمد في تكوينها على نمط غريب وسأنهج فيها النهج الإبداعي لا النهج التقريري .. وسيكون أبطالها معروفين بأسمائهم على عكس قصصي التي ليس لأبطالها أسماء " . لا شك أن جورج شامي كان يخطط للغد أكثر من أي إنسان آخر ، وتشهد على ذلك روايات كثيرة سبقت سيرته الذاتية : " ماذا بقي من القتال " ، " عصير الزنزلخت " ، " أول الذهب " ، " ذكريات عارية " ، ومجموعات قصصية عديدة ؛ وذلك ليظهر أن ثمة تحولات تصيب مسار الإنسان المبدع ، ولا يبقى أسير قوالب سمجة وتداعيات مجمّدة راسخة ، لا أمل في تغييرها ، وشتّان ما بين الأسلوب الإبداعي والتقريري .. في كل ذلك كان جورج شامي يراقب ما سيصير بعد ذلك ، يراقب التحوّل الأكبر الذي سيطرأ على اللغة ، وكأنها مارد سيخرج من القمقم محدثاً زلزلة ودويّاً كبيرين وذلك ابتداء من الستينات .. تفجير اللغة ، تفجير الشعر ، تفجير التفجير ذاته ، ثم بالأخص تفجير اللاهوت والكهنوت ، وكل ذلك من خلال مغامرة إستكشافية كبرى في أرض بكر لم تطأها قدم قط ، ومن خلال لغة إبتكارية ومجازات إبداعية خارقة ، غيّرت خريطة الشعر العربي ، ودشّنت مساحة جديدة من الحرية ، بهذا المعنى . فكل الحداثة الشعرية العربية خرجت من معطف أدونيس .. الجدير ذكره أن جورج شامي كتب هذا الشعر الحداثي في " زورق على شاطئ الإنتحار " في سبعين سنة ، وذلك من خلال نزهات حداثية ومجددة كانت في بداية الموجة ، بيد أن جورج شامي لم يبقَ طويلاً في سفينة الشعر التي تركها لآخرين ؛ بل ذهب في أبعاد أخرى من الأدب والقصة والرواية والدراسات ، فاتحاً لنفسه مجالات وآفاقاً وأحلاماً جديدة ، لم يكن الشعر بقادر بمفرده على الإتيان بها . مشوار أدبي طويل مشاه جورج شامي ، مضى في أثره الناقد في دراسته التحليلية النقدية هذه التي تناول من خلالها أدب جورج شامي مسلطاً الضوء على أعماله الأدبية : قصة .. رواية .. دراسات .. من خلال دراسة تحليلية لنصوصه بنية ، ومعاني واستشرافات ، ماضياً في قراءة ما بين سطورها ، وما خلفها .. وما بعدها .. ومغنياً دراسته هذه بولوجه عالم جورج شامي بقراءته لسيرته الذاتية التي بلغ إبداع جورج شامي فيها مبلغه وكذلك استطاع الناقد التغلغل في عمق المعنى والكلمة .. بل والحرف ، لنطل على القارىء بدراسة هي أقرب ما تكون إلى ومضات وجدانية وتعبيرية لمعت في سماء الأدب العربي . إقرأ المزيد