تكفير الوهابية لعموم الأمة المحمدية
(0)    
المرتبة: 18,574
تاريخ النشر: 06/02/2019
الناشر: دار النور المبين للدراسات والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:إنَّ مسألة التّكفير مسألة عويصة، وهي من الخطورة بمكان، طالما تعثَّرت بها أقدام، وزلَّت فيها أقلام، وضلَّت فيها أفهام، تشتَّت فيها الآراء، وتناوشتها الأهواء، لأنَّ التَّكفير حكم شرعي مردُّه إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز للمسلم أن يكفِّر أحداً إلاَّ ببيِّنة وبرهان قطعي لا تحوم ...حوله الشُّبهات، فقد يكون المُكفَّر مُكرهاً، والله تعالى يقول: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾... [سورة النحل: آية 106].
وقد يكون المُكَفَّر غير قاصد الكفر، بل صدر منه ما به كُفِّر سبق لسان، فمن لم يقصد الكفر لا يكفر ولو صدر عنه ما يوجب الكفر، فإن غلط لسانه ونطق بالكفر من غير قصد فإنَّه لا يكفر بذلك، لما ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ)). [أخرجه مسلم (4/ 2104 برقم 2747).
وقد يكون جاهلاً، فيُعذر، لما رواه أبو واقدٍ اللَّيثيِّ، قال: كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين ونحن حديثو عهد بكفرٍ، فمررنا على شجرة يضع المشركون عليها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواطٍ، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواطٍ كما لهم ذات أنواطٍ: فقال: "اللهُ أكبرُ"، قُلْتُمْ كما قال أهل الكتاب لموسى عليه السلام: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾... [سورة الأعراف: آية 138]، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّكُمْ سَتَرْكَبُون سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ".
وقد يكون المُكَفَّر في حالة وَجَلٍ وخَوفٍ وغيبوبةٍ فتفوَّه بما لم يرده، بدليل ما رواه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ ، فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ". إقرأ المزيد