أبو طالب حامل نور الإمامة
(0)    
المرتبة: 86,342
تاريخ النشر: 06/02/2019
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:أبو طالب هو عبد مناف بن عبد المطلب، أمه فاطمة بنت عمرو المخزومي، من أسمائه: شيخ الأباطح، مؤمن قريش، الأسد الهصور، وبيضة البلد، المحامي، الكفيل، السيد، الحاكم، الزعيم، المستشار، مات والده وله في العمر بضع وأربعون سنة.
تسلم من أبيه الأمانة التي لا تعد لها أمانة التي لا تعدلها أمانة ...لا في الأرض ولا في السماء... أمانة الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، تسلمها أبو طالب رئاسة مكة، وزعامة قريش بعد أبيه عبد المطلب، فقد سوّده قومه عليهم لحصانة رأيه، وعظيم قدره، وعلوّ همته، وجلال شأنه، علاوة على كونه سليل المجد والسؤود والبيت الذي فاق السهى شرفاً.
كان لا تنزل نازلة في قريش إلا كان أبو طالب هو الملجأ والمفزع، وصاحب المشورة، وكان الرؤساء من قريش لا تجتمع لأمر عظيم تريده إلا حطت رحالها في رحابه، وإزدادارت رحى الحرب بين قريش، وبين أحد من العرب، كانت لأبي طالب كلمة الفصل في الدفاع عن الحق وأهله.
لقد كان أبو طالب متجلبباً برداء الفقر والكرامة مع العزة والمنعة، بالإضافة إلى الشجاعة والرحمة، مع طيب النفس وصفاء السريرة وعلو الهمة، فلا عجب أن يسود على قومه على قلة ماله وكثرة عياله، جاء في تاريخ اليعقوبي قوله: كفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة جده عبد المطلب، عمه أبو طالب فكان خير كافل.
وكان أبو طالب سيداً شريفاً مطاعاً مهيباً مع إملاقه، وعليه يعتبر بيت أبي طالب من البيوتات العريقة في قلة عموماً، وفي قريش على وجه الخصوص، فقد كان هذا البيت مهيباً تتحاشاه قريش، وقد كان سيدهم بلا منازع، وكانوا يكنّون له الإجلال والإحترام والطاعة.
فالرسالة الإسلامية التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها أبو طالب، وعرف وأدرك تعاليمها التي هي على حدّ التناقض مع قريش إلا ما لا نهاية، عرف أن دين محمد صلى الله عليه وسلم مقضيّ عليه بالموت العاجل أو المتجر السريع وكلاهما في نهاية الأمر؛ لأن قريش لا تمثل أمام هذا الدين إلا مجموعة من العلل والأزمات النفسية والخلقية لأنها تأسر نفسها في أصنامها وتجارتها، ولا تقبل أي دين أو فكر أو عقيدة يمكن أن تحلّ محلها أو مكانها، خاصة أنها ليس لها دور في قوننة هذا الدين أو السيطرة على هذا الفكر، وسوف تزيد من معارضتها ومقاومتها قساوة وصلابة وغلظة لكي تحقق الجنوح نحو التحجر (تعبد الهك يوماً وتعبد الهنا يوماً) لأن الدين الذي تحضنه يمدها بالمال والسيطرة والنفوذ (نحن أبناء إبراهيم وأهل حرمه وولاة البيت وحماة مكة وسكانها فليس للعرب إلا الطاعة).
على ضوء هذا يمكن فهم وتقدير الدور الأكبر الذي لعبه أبو طالب إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرد على المتناقضات عند قريش، وفي مناورتها لمدة عشر سنوات لخلق مساحة آمنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتبليغ دعوته ونشر رسالته، ولحمايته من قريش وطغيانها بقوة عسكرية عنيفة، فلولا صمود أبي طالب وحنكته وشجاعته وإصراره... ماذا كان سيزول أمر محمد في مكة؛ فأبو طالب اتخذ موقفاً (لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرأي الأكبر)، وتابع الدفاع لمدة عشر سنوات، ووجه مجموعة نداءات منطقية إلى قريش وبني هاشم ذهب بعضها سدًى فسار في طريق لم يسلكه إلا عن إيمان وثقة، ولم يشك أي عاقل أن هذا حصل بالذوق الباطني، أي التجربة والخبرة فهو إذ يملك التجربة الذوقية فهو يجمع بين معرفته لقريش حق المعرفة وبين ترجبته معها؛ وهنا لم يكن عن عصبية أو قبلية، بل إدراكاً موضوعيّاً للرسالة، وما القصائد والمحاورات والخطب والوصايا إلا وليلاً صادقاً بالحق على أن أبا طالب مسلم مؤمن مجاهد، ويجب إدراك أن الوحدة الكامنة بين أبي طالب والرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم والوجود المتزامن بينهما ما هو إلا إعتناق هذا النور الإلهي المتمثل بالرسالة الإسلامية وحمايتها ونشرها.
حنكة أبي طالب السياسية ومعرفته بقريش ونقاط قوتها وضعفها جعلوه يأخذ قراراً بإخفاء إيمانه فاعتمد أسلوب المناورة السياسية (لمدة عشر سنوات) لحماية رسول الله صلى الله عليه وسلم وإفساح المجال أمام الدعوة الإسلامية كي يقوي عودها وتنطلق وتنتشر، طبعاً كانت خطة إستراتيجية للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسالة يجب أن تكون مقومات هذه الخطة ذاتية لا تحتاج أي دعم من الخارج فاعتمد على ذاته (سيفه وشعره ومقامه).
ضمن هذه المقاربات يأتي هذا البحث الذي يتحدث عن مناقب أبي طالب وفضائله وشعره، والهدف بيان بعض الأمور التي قيلت في حق أبي طالب وكانت عارية من الصحة جملة وتفصيلاً، والكشف عن المستور، وتسليط الضوء على مجريات تاريخية، والغاية إنصاف هذا الرجل العظيم الذي كانت له اليد الطولى في مؤازرة محمد صلى الله عليه وسلم وصموده أمام طغيان وجبروت قريش، مما مكنة من نشر رسالة الإسلام. إقرأ المزيد