منطلقات التكفير السبعة ؛ التكفير والمساهمات القطبية
(0)    
المرتبة: 103,684
تاريخ النشر: 17/09/2018
الناشر: بيسان للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:إن المتتبع لتاريخ المعتقدات وصراعاتها ، والفرق واختلافاتها وصداماتها ، يمكن أن يخرج بنتيجة مفادها : أن التعصب أو الإختلاف الديني لم يكن ليقضي إلى اضطهادٍ دامٍ من قبل الوثنيين والكهنوت ورجال الدين ، إلا عندما تتبناه السلطة الدنيوية الحاكمة ، فتعطي " للمتعصبين " القدرة ، وتبسط لهم ...النفوذ ، وتؤمن لهم مقومات القوة التي يقومون بواسطتها بإيذاء خصومهم وقهرهم ، والبطش بهم إلى حدّ القتل وهدر الدماء . ومن هنا ، نجد في التاريخ الإسلامي مثلاً ، كيف كان الإضطهاد يتنقل من فرقة لأخرى تبعاً " للإعتقاد " الذي يعتنقه الحاكم ؛ فإذا اعتنق الفكر الإعتدال اضطهد أهل الحديث ، وإذا انقلب لاعتناق مذهب أهل الحديث اضطهد الإعتزال والمتصوفة ، ولم يحدثنا التاريخ أن فرقة دينية استطاعت ممارسة الإضطهاد الجماعي الدامي بمعزل عن موافقة الحاكم ؛ إلا في حالات فردية ، تنبع من تحريض العوام . نعم ، في المراحل التي ضعفت فيها السلطة المركزية ، ووصل المتعصبون دينياً للحكم ، وإن في بقاع جغرافية محدودة ؛ فإنهم مارسوا هذا الإضطهاد . على أن استجابة السلطة للطبقة الدينية ، كان ، في الأغلب الأعم ، ينبع من مصالح أهل الحكم وحرصهم على السلطة ؛ لذلك شهد التاريخ عمليات إضطهاد جماعية من الخلافة الأموية والعباسية ضد خصومهم ، لا سيما العلويين منهم ( المقصود هنا من العلويين المعنى العام ، أي أتباع علي بن أبي طالب عليه السلام ، لا خصوص الطائفة العلوية ) ، دون إغفال رغبة الحكام في تملق الطبقات الدينية طمعاً في كسب ودّ العامة . فليست السياسة لبوس الدين ، وتسيست الأفكار الدينية ، واتخذت تهمة الزندقة ( كما كانت تهمة الهرطقة في العصور الكنسية الوسطى ) ذريعة للإطاحة بالخصوم ، أو لتعطيل العقول عن الأفكار التنويرية ، خصوصاً بعد استفحال أمر أهل الحديث وهيمنتهم على " الفكر " الرسمي للسلطة الحاكمة . أمام هذا التاريخ المليء بالتكفير والإتهام بالزندقة ، تساؤلات ملحة تطرح نفسها في ذهن الباحث وهي : ما الذي يميّز حركات اليوم عن حركات الأمس ؟ ما الذي يجعل ما يسمى " السلفية الجهادية " ، أي داعش وأقرانها ، حالة مختلفة عن سابقاتها التاريخية ؟ أو ما الذي يجعل فارقاً بين التيارات الحشوية وإبن تيمية وإبن القيم وبين سيد قطب ومن لحقه او سبقه ؟ من هذا المنطلق تأتي هذه الدراسة التي يحاول الباحث من خلالها تلمس بعض الخيوط التي يمكن أن تساهم في إيجاد إجابة عن تلك التساؤلات . ولكن لماذا سيد قطب ؟ !! والإجابة هي أنه سيظهر للقارىء في ثنايا البحث ، أن التكفير مع سيد قطب دخل بأثواب متعددة ، ولم يعد يقتصر على التوحيد في العبادة من خلال اتهام الآخر بالشرك بسبب موضوعات : كالتوسل بالأولياء ، والبناء على القبور ، كما كان الحال مع الوهابية ، وأن " إسهامات " سيد قطب في " الحاكمية " ونظريته في " جاهلية المجتمع " ، ومقولاته في " العصبة المزمنة " ، وربط كل ذلك في عقيدة " الولاء والبراء " ، وما تفرع عن ذلك من مباحث ولوازم ، قد أسهم في تحويل ما يتعلق بالسياسة إلى مباحث عقدية ، وهذا أنتج ما أطلق عليه الباحث بـ " عقدته " ( من عقيدة رأي تحول إلى عقيدة ) ، وتسييس العقيدة ، كما أن من الأسباب المهمة في التركيز على سيد قطب ، اتخاذه من قبل معظم السلفيات " الجهادية " مرجعية فكرية لهم ، يستندون ويركنون إليها ، وهنا يشير الباحث إلى أنه ورغم تركيز هذا البحث ينصب على مفاهيم محددة ، اعتبرها منطلقاً للتكفير ، (علماً أن التكفير لا يولّد عنفاً بالضرورة ، باعتبار أن الحكم النظري لا يستلزم بالضرورة تظهيره عملياً ؛ كما هو حاصل في مذاهب إسلامية عدة لا تحكم بقتل " الكافر " ، وإنما تترك الأمر للعقاب الأخروي ، وهذا ما بينه أنه يميّز هذه الحركات عن باقي المذاهب الأخرى ) يقول رغم التركيز على البعاد المفاهيمية في صيانة الإيديولوجيا العملية ، إلا أنه لا يمكن تجاهل العوامل الأخرى التي لعبت وتلعب دوراً في صناعة العنف ، وفي تشكيل الشخصية العنيفة " لحامل هذه المفاهيم ، وهو يرى أنه لا يجانب الصواب في قوله إن " رداء " الإيديولوجيا والذين لم يكن سوى قناع يخفي وراءه أزمات سوسيولوجية وبسكيولوجية ؛ إذ يمكن ملاحظة أن العنف الذي يواجهه العالم الإسلامي اليوم ، ليس عنفاً ناجماً عن السياسة بشكل مطلق ؛ بل بالإمكان معاينة بعض الأبعاد المتعلقة بمشاعر ؛ هي خليط من الفوضوية واللامبالاة العبثية . وإلى هذا فقد تمثل الكتاب ضمن مباحث سبعة هي ( الجاهلية ، الحاكمية ، الولاء والبراء ، الخلافة ، الفرقة الناجية ، الإستعلاء ، وحتمية الصراع ) . إقرأ المزيد