خلاصة أخبار الرحلة الألبانية إلى الديار المصرية
(0)    
المرتبة: 36,529
تاريخ النشر: 02/07/2018
الناشر: المكتب الإسلامي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:( فإن إقليم مصر هو الإقليم الذي أفتخر به فرعون على الورى ، وقام على يد يوسف بأهل الدنيا ، فيه آثار الأنبياء ، والتيه وطور سيناء ، ومشاهد يوسف وعجائب موسى ، وإليه هاجرت مريم بعيسى ، وقد كرّر الله في القرآن ذكره ، وأظهر للخلق فضله ، ...أحد جناحي الدنيا ، ومفاخره فلا تحصى ، مصر قبّة الإسلام ، ونهره أجلّ الأنهار ، وبخيراته تعمر الحجاز ، وبأصله يبهج موسم الحاج ، وبرّه يعم الشرق والغرب ، وقد وضعه الله بين البحرين ، وأعلى ذكره في الخافقين ، حسبك أن الشام على جلالتها رستاقه ، والحجاز مع أصلها عياله ، وقيل : هو الربوة ، ونهره يجري عسلاً في الجنة ) . هذه مصر في عين أحد علماء الشام في القرن الرابع ، وهو العالم الجغرافي شمس الدين محمد بن أحمد المقدسي البشاري ( ت 380 ه ) ، كما جاء في كتابه " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم . هذه مصر في عين أحد علماء الشام في القرن الرابع ، فكيف في عين أديب فقهاء الشام في القرن الرابع عشر ، وهو العلاّمة الأديب الفقيه القاضي علي الطنطاوي ( ت 1420 ه ) . وكلامه هنا في ذكرياته . يقول : " كانت مصر في خيالنا يومئذ دنيا مسحورة ، فيها العجائب ، وكل مرغوب فيه يأتينا منها ، المجلات والصحف ، الحركات الفكرية والوطنية تنبثق منها ، الرجال الذين نقرأ لهم والشعراء الذين نحفظ شعرهم منها ، وكنت أسمع أن الأحرار من أرباب الأقلام ومن عشاق الحرية يؤمون مصر أستاذنا محمد كرد علي ، ومن قبله شيخ مشايخنا رشيد رضا ، ومن بعدها خالي وأستاذي محب الدين ، يأتون من كل مكان من المغرب ، من الجزائر ، من تونس ، من ليبيا ... " نعم لقد أمّ مصر واستوطنها كثيراً من العلماء الشاميين ، وبعضهم مات فيها ، ودفن في تربتها ... وكيف لا يرغب أهل الشام في مصر وفي مجاورة أهلها ، وقد أوصى بها وبأهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال كما في صحيح مسلم : " أيكم ستفتحون مصر ، وهي أرض يسمى فيها القيروان ، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها ، فإن لهم ذمّة ورحماً " . من أولئك الأعلام الذين وردوا على ديار مصر ، محدث العصر الإمام ، درّة أهل الشام وشيخ شيوخها أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني ، مجدد شباب الحديث وناصره ، ومحبي السنة وناشرها ، وقامع البدعة ورادّها ، المتوفي سنة 1420 ه . وقد كان وروده الأول عليها سنة 1380 ه / 1960 م ، أيام الوحدة بين سوريا ومصر ، وذلك بدعوة من وزارة الأوقاف الإقليم الجنوبي في الجمهورية العربية المتحدة ، للمشاركة في مباحث لجنة الحديث بالقاهرة ، والتي أُلفت لجمع الأحاديث الصحيحة . وأنزلته وزارة الأوقاف المصرية في فندق ( دار الضيافة الإسلامية ) التابع لها . وبعد عودته إلى دمشق سأله مندوب جريدة " صوت العرب " عشرة عن أخبار هذه الرحلة ، وعن أهم النتائج والثمار المجنية منها . وتضمن اللقاء حديثاً عن وزارة الأوقاف المصرية ، ودورها الكبير في نشر الثقافة والوعي الإسلامي ، والتحذير من البدع والمخالفات ، وكان فيه أيضاً حديث عن سيرة الشيخ اللباني ومشاريعه العلمية ، وأهم مؤلفاته المطبوعة ، فأجاب عنها إجابات مختصرة . و" صوت العرب " الأسئلة والأجوبة في عددها الصادر برقم ( 1894 ) من تلك السنة . ثم قام الأستاذ عمر العطار هذا اللقاء في نفس السنة أيضاً في كتاب مستقل بعنوان " صوت العرب " تسال ومحدث الشام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني يجيب . وقد كان للشيخ الألباني رحلة دعوية أخرى إلى البلاد المصرية ، وذلك في سنة 1396 ه / 1976 م ، أي بعد ستة عشر عاماً من رحلته الأولى ، ومكث ثلاثة اشهر يطوف في البلاد المصرية داعية إلى الله تعالى ، يتنقل خلالها من مسجد إلى مسجد ، ومن بلد إلى بلد ، وقد نفع الله به أهل تلك البلاد ، ورفع له قدره فيها . وقد نشرت جماعة أنصار السنة خبر هذه الزيارة التي ألقى خلالها عدة محاضرات بالمركز العام ، في مجلتها " الهدي النبوي " في عددها الصادر في رمضان عام 1396 ه . ولقد كان لهذه المحاضرات والندوات الأثر الطيب في نفوس الشباب بخاصة ، والمسلمين عامة . ويقول حسام بن محمد سيف واضع هذا الكتاب الذي جمع فيه أخبار هاتين الرحلتين : " هذا وقد عثرت في أثناء استماعي إلى شرح الشيخ الألباني المسجل على كتاب " الترغيب والترهيب " للمنذري - على محاضرة ألقاها الشيخ على طلابه في دمشق ، لخص فيها بنفسه أخبار رحلته المصرية الثانية هذه ، وذكر فيها بصوته تفاصيل كثيرة وأحداثاً مثيرة ، ومسائل فقهية كبيرة " . فرأى لزاماً عليه نشر خبر تلكما الرحلتين ، لما في ذلك من أثرين علميين مفقودين من آثار الشيخ الألباني في هذا الكتاب الذي سجّل ومن خلال أخبار الرحلتين ، علوّ همة الشيخ الألباني في الدعوة إلى الله ، وفي نشره لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح ، وجلوسه الساعات الطوال للبحث والمناقشة والتعليم . إقرأ المزيد