تاريخ النشر: 21/06/2018
الناشر: دار القارئ
نبذة نيل وفرات:تتباين طرق تعامل البشر في مختلف بقاع العالم مع الموتى ، وتختلف مراسيم الجنائز بحسب اختلاف المعتقد والثقافة ودرجة التحضير . في إيطاليا تقدم مؤسسة الدفن في مدينة كانتانيا خدمة مجانية : وهي إلقاء جثة الميت في فوهة بركان ( إتنا ) ، خلال حفل جنائزي مهيب ، يحضره ...القس وأعيان المدينة ، وتسدد تكاليفه من خلال رسوم يدفعها متفرجون رعاع . وفي شيكاغو قام المدعو ( تشارلز كارينتينوا ) بتأسيس شركة ( الخروج النهائي ) ، وهي تقدم خدمات الموت الرحيم بناء على إقراره قانونياً . وقانون الموت الرحيم مجاز رسمياً في عدة دول ، كهولندا : وهو قانون يسمح بإنهاء حياة المرضى الذين لا أمل في شفائهم بموافقتهم . وتتعهد الشركة المذكورة بعدم شعور الميت بأي ألم . كما أنها تقدم خدمات أخرى : كفرق الموسيقى المفضلة عند الإحتضار ، وتسجيل الوصية على الفيديو ، واستئجار بعض المشاهير لحضور مراسم الدفن . وجنازة الهندوس في بالي ، عبارة عن احتفال كرنفالي صاخب ، يطوف في الشوارع بصحبة الجثمان ، إلى أن يصلوا به إلى المحرقة . ويرقص الناس في قبيلة تيوى في إستراليا رجالاً ونساءً ، وهم عراة ، عند الدفن . ويعمد زعيم القبيلة على كسر رجلي الميت قبل دفنه ، اعتقاداً منهم بأن هذا ضروري ، كما لا تنسل روح الميت إلى أحد أصدقائه مسببة له الموت . وهذا يذكر بالهنود الحمر الذين يعمدون إلى فصل رأس الميت قبل دفنه هذا وتتفاوت طرق المجتمعات ، بحسب اختلاف ثقاقاتها ، في طرق التخلص من جثث الآدميين بعد أن تفارق أرواحهم الأجساد . فتجد مثلاً من الناس مَن يقطعون جثث موتاهم ويضعونها على قمم الجبال ، حتى تلتهمها النسور والجوارح . وبهذا تحلق الأرواح بقرب الأجساد التي تكون سكنت الأعالي ، كما يسود الإعتقاد المسيّر لهذا الطقس الجنائزي ، وهو الأسلوب المسمى بــ " الدفن السماوي " الذي عُرف به أهل هضبة التيبت . ويدفن بعض القبائل في الصين وأندونيسيا موتاهم في توابيت أو أكفان خشبية معلقة على منحدرات الجبال ، معتقدين أن صاحب القبر الأعلى هو الأكثر سعادة أخروية من غيره . وهناك قبائل في العديد في بقاع العالم ؛ خصوصاً أمريكا وكندا وأستراليا وسيبيريا تقوم بتعليق موتاها على أغصان الأشجار ، وتتركها لتتحلل هناك . والحق الذي لا ريب فيه أن الطقوس الجنائزية الصحيحة هي ما كانت عن طريق السماء حقاً ، ما أرشد الله إلى ذلك في قوله تعالى : [ فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأداري سوءة أخي ] [ المائدة : 31 ] ، من هنا ؛ فإن للمسلمين طقوساً لجنائزهم وأحكاماً وتكاليف شرعية ملقاة على عاتقهم ؛ لا بد بحكم العقل من تحصيل براءة الذمة منها . وقد لا يختلفون مع معظم الثقافات المتعددة والمتنوعة في إضفاء القدسية الإلهية والصفة الغيبية في طقوسهم مع الأموات ، إلا أنهم يختلفون معهم في جانب رئيسي وهي أن طقوسهم تتكىء على أساس عقلي متين ، باعتبارها جزءاً من منظومة علمية ، معقدة وعالية المستوى ، قام البرهان الساطع على صوابيتها وثباتها . فأحكام الجنائز في الإسلام هي أكثر من مجرد تصرفات يحكمها الهوى وتسيّرها الخرافات ؛ وإنما هي من تشريع إلهي [ ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ] [ يوسف / 4 ] . التشريع الإلهي الذي مصادره القرآن والسُنة والإجماع والعقل . من هنا يأتي هذا البحث الذي يسلط الضوء على كيفية الإستعداد للمستقر الأخير ، من حين رمق المسلم الأخير إلى حين استقراره في قبره . فيتحدث عن سكرات الموت وآدابها وسننها مبيناً علامات الموت وما يجب على أهل المحتضر فعله ليكون المحتضر مرتاحاً في مستقره ، أثناء احتضاره ، وعند عودة الروح إلى بارئها ، حيث يتتبع ذلك تغسيل الميت وآداب وسنن تلك العملية ؛ فالإسلام نظيف ، والمسلمون كذلك حتى في حالة النزع والموت ، مبيّناً كيفية الغسل وما يتبع ذلك من إضفاء الحنوط على جسد الميت بمعنى تحنيطية ، والحنوط والتحنيط في عرف الفقه والفقهاء هو مسح الكافور براحة الكف على الأعضاء السبعة من الميت التي يسجد عليها الميت ؛ وهي الجبهة ، والكفان ، والركبتان ، وإبهاما الرجل . ثم يتبع ذلك عملية التكفين وأحكام الكفن والتكفين وآدابه وسنته . ثم التشييع ولاة الجنازة وكيفيتها وآدابها وسننها . وأخيراً عملية الدفن وأحكامه وسننه وآدابه . ويختم ذلك مسألة زيارة القبور وأحكامها وآدابها وسننها .. كل ذلك يتحدث عنه هذا البحث من خلال إيراد ما جاء في ذلك كله عند المذاهب الخمسة ... مستطرداً في حديثه بما جاء عند أهل البيت وأئمتهم وعلمائهم . إقرأ المزيد