الفتوى : نشأتها - تطورها - أصولها - تطبيقاتها
(0)    
المرتبة: 85,622
تاريخ النشر: 29/06/2009
الناشر: المكتبة العصرية للطباعة والنشر
نبذة الناشر:الحمد لله القائل ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ﴾ أنزل الكتاب بالحق والميزان ليقوم الناس بالقسط، وشرع الأحكام، وفطرنا على ملة الإسلام، وأنقذنا بنور الفُتيا من ظلمات الجهالة والضلال، ونصب لنا من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أعلى راية، وأوضح دلالة، والصلاة والسلام على من أناط الله تعالى به تفصيل الكتاب ...ببيان العقائد والأحكام، فكان أول من قام بمهام الإفتاء هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله تعالى بإذنه وسراجاً منيراً، وكانت فتاويه جوامع العقائد والأحكام، وقواعد الحق بين الأنام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين دربهم على الإفتاء والإجتهاد، حتى دارت الفتيا بعده على أقوالهم بين العباد، وخُصّوا بإستنباط الفتاوى وإستخراج الأحكام واهتموا بضبط قواعد الحلال والحرام، رضوان الله وسلامه عليهم أجمعين.
فالإنسان مدني بطبعه، محتاج في أمر معاشه إلى الإختلاط والمشاركة مع بني نوعه، وهو أناني بميوله وتصرفاته، محب لنفسه، يريد أن يستأثر بكل المنافع، وبما أن الميول مختلفة، والرغبات متنافرة احتاج الناس إلى تشريع إلهي ينظم علاقتهم، ويضبط معاملاتهم، ويحفظ حقوقهم.
فاقتضت حكمة الله تعالى إرسال الرسل صلوات الله عليهم وإنزال الشرائع لمصلحة العباد في دنياهم وآخرتهم، والله تعالى غني عنهم، وهم الفقراء إليه.
ولما كانت شريعتنا الإسلامية خاتمة الشرائع السماوية، فلا بُدّ أن تكون وافيةً بأحكام الكليات والجزئيات، لذلك أقام الشارع الحكيم الأدلة، ونصب الأمارات هادية مرشدة إلى أحكامه، وأنزل كتابه تبياناً لكل شيء وتفصيلاً في بعض الأحكام، وإجمالاً في البعض الآخر.
وجاءت السنّة المُوحَى بها شارحة مُبَيِّنة ومكملة لما أنزل الله تعالى في الكتاب، ثم أُذِن في الإجتهاد لإستنباط الأحكام التي لم تُصرخ بها النصوص، لأنها على كثرتها لم تُبَيْن كل أحكام ما يحدث في مستقبل الأيام تفصيلاً، فكان الإجتهاد حتماً للمفتي الذي كملت فيه أدواته، وفقهت نفسه، وأتقن فهم الأدلة الشرعية والإستدلال بها على الأحكام، لتطبيقها على الجزئيات بمراعاة خصائصها وأوصافها.
لذلك اجتهد سلفنا الصالح من صحابة وتابعين، وفقهاء معتبرين، ومفتين موقعين عن رب العالمين، لإستنباط الفتاوى والأحكام من الأصول التشريعية العامة، والقواعد الكلية المتضمنة مقاصد الشريعة وأهدافها من جلب المصالح ودره المفاسد، لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، ضمن ضوابط مُحكمة، وشروط صعبة، لأهمية الإجتهاد في حياة المسلمين وخطورة دَوْرِهِ، لئلا يقتحم غماره المتطفلون الجاهلون، وأشباه العلماء المغرورون.
فإن الهدف من هذا البحث بيان قواعد الفتوى في الإسلام وأحكامها وضوابطها المستمدة من قواعد ديننا ومبادئ شريعتنا، وأحكام سنتنا، وأصول فقهنا، ومناهج الصحابة والتابعين، والأئمة المجتهدين، الذين لو اتبعنا مناهجهم في إستنباط الفتيا لم نترك ثغرة للمتلاعبين أو العابثين بأصول الفتيا وقواعد الإستنباط، وخاصة إذا شمّر عن ساعد الجدّ أهل الورع والتقوى من العلماء النابهين المخلصين من علمهم وفقههم القادرين على الإجتهاد والإستنباط إقرأ المزيد