سيرة المسرح - أعمال وأعمال - مسرح الباروك - الجزء الرابع
(0)    
المرتبة: 185,779
تاريخ النشر: 01/01/2012
الناشر: دار الآداب
نبذة الناشر:من الواضح أنّ "الباروك" من ثمرات النهضة، بل لا ينفصل عنها ويحمل أفكارّها وتصوّرَها للإنسان والكون، إنّما يبدو كما لو نَتَأتُ في الجسم الأوروبيّ ناميةٌ ضخمةٌ وبارزة، تغذّت بفائض من عصارتها وحيويّتها، وأتت أكلّها غزارةً وكثافةً أكثر من المعدّل وأبعد من معاييره: وُضعت المسرحيّاتُ بالآلاف وعُرضت جميعُها أمام جمهور متلهّف ...ومتحمّس، وتكاثرت الشخصيّاتُ الفذّة التي كاشفتْ بمكنونات أنفسها ولا تزال تُلازم أذهانَنا وتُلقم تأمّلاتِنا.
لقد حرّرت النهضةُ العقولَ من قطعيّة الأحكام وجموديّةِ المعارف السائدة في القرون الوسطى، وفي الوقت نفسه أطلقت الطموحاتِ ووسّعت الآفاقَ والمبتغيات إلى أبعاد غير محدّدة.
اندفع المبدعون في كلّ الإتّجاهات الممكنة: فمن جهة لم يضعوا حدّاً لجغرافيّة المَشهد على الخشبة حيث رمزتُ أماكنُ التمثيل إلى جميع مناطق العالم الحقيقيّ أو الوهميّ؛ ومن جهةٍ ثانية سبروا غورّ النفس البشريّة بلا احتشام ولا هوادة.
لقد شقّ مارلو طريقاً سلكه شكسبير وكالدرون ومئاتُ الشعراء من حولهما، وأفرز خيالُهم الجامح ما يُشبه الميثولوجيا من خلال أقدار أبطالهم الأفذاذ: مجرمين جبّارين مثل Machbeth، مغامرين بلا كابح مثل Don Juan، عصاةٌ لا يروَّضون مثل Sigismond، تائهين في أقاصي الهيام أو الجنون أو اليأس، ليكتشفوا أنّ أبعدّ الحدود لا تُشبع الفضول، وأضخمّ القصور لا تضمن السعادة، وأعلى سلطانٍ لا يُؤخّر الأجل.
"... وما الحياةُ إلا ظلٌّ يمشي، حكايةٌ يحكيها معتوهٌ ملؤها الصخبُ والعنفُ ولا تعني أيّ شيء!" (ماكبث. V.5). إقرأ المزيد