تاريخ النشر: 01/01/1999
الناشر: دار النهار للنشر
نبذة نيل وفرات:ليس من شك في أن معظم الذين أجروا دراسات أكاديمية أو قاموا بأبحاث علمية جادة ومعقمة تناولت تاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي إبان مرحلة الانتداب الفرنسي قد استندوا إلى مجلة المعرض واقتبسوا منها الكثير من المعطيات التاريخية الموثوقة كما أن الكثير منهم قد طوروا بعض فرضياتهم بمقولات علمية مستلة ...من افتتاحيات ميشال زكور التي كانت بوصلة هادية تنير الطريق إلى الاتجاهات الوطنية والقومية وحتى الاشتراكية، بعيداً عن المنحة الطائفي الضيق أو التقوقع السياسي الذي فعلت به صفحات الغالبية الساحقة في صحف تلك المرحلة ومجلاتها البالغة الأهمية في تشكيل الفكر السياسي في لبنان المعاصر.
لقد شكلت "المعرض" مدرسة حقيقية في عالم الصحافة الحرة ونموذجاً راقياً يمكن الاقتداء به حتى اليوم، فإلى جانب التزامها الدائم بقضايا لبنان الوطنية والقومية وانفتاحها على كل الآراء والاتجاهات السياسية والقومية والأممية وكانت المجلة منبراً رائعاً للدفاع عن حرية الصحافة كمنبر ثابت لتعدد الآراء دون قيود أو ضوابط سوى الالتزام باحترام الآخر وفتح المجال أمامه للتعبير عن رأيه.
لذلك تعرضت "المجلة" طوال فترة صدورها، لقضية الرقابة الفرنسية التي عطلتها مراراً، وتكررت فترات التعطيل التعسفي، وطالت أحياناً لتتجاوز أشهر سنة بكاملها. أى أنها كانت تعاود الصدور بعزيمة أشد على مواصلة السير في الطريق نفسها دون مساومة أو مهادنة.ودأبت على سياستها هذه حتى العدد الأخير دون أن تنحرف عن خطها الثابت. أفردت "المعرض" إعداداً خاصة تتضمن دراسات وآراء ترتدي أهمية استثنائية للتعريف بتطوير الاتجاهات السياسية والأدبية والفكرية في لبنان والعالم خلال مرحلة ما بين الحربية العالميتين.
وسيجد القارئ أن غالبية المقولات النظرية التي تمنتها تلك الدراسات لا تزال تحتفظ بالكثير من الصدقة وسلامة الرؤيا رغم انقضاء ما يزيد على النصف قرن من كتابتها. يضاف إلى ذلك أن المجلة قد شرعت صفحاتها، منذ وقت مبكر لقضايا الحرية على تنوع أشكالها، والعمل الحزبي والنقابين وقضايا الحرية على تنوع أشكالها، والنساء والشباب. كما أن إعدادها حفلت بمئات الرسوم الكاريكاتورية التي تشكل ثروة فنية لا تقدر بثمن، وهي تدل على أهمية هذا الفن ودوره المميز في الإعلام حتى يومنا هذا.
بعد القرار الحكيم بإصدار هذه المختارات إذ لم يبق من مجلة المعرض سوى عدد ضئيل من النسخ، لم يكن من السهل اختصر سبعة عشر مجلداً بمجلدين ولا اختصار عشرات الألوف من الصفحات بألف صفحة ونيف، وختم اعتماد هذا الشكل المختصر والجديد الذي درجت عليه أخيراً بعض الصحف والمجلات العريقة في العالم.
وأوكلت المهمة إلى فريق كلف من قبل "دار النهار" وعميدها الأستاذ "غسان التويني"، وبالاتفاق مع عائلة مؤسس المعرض، وقضى الاتفاق بأن يقرأ قراءة معمقة كل ما نشر على صفحات المجلة من أخبار ومقالات بهدف اختيار الأهم والأبرز والأطرف منها وتطعيمه بالرسوم الكاريكاتورية الجميلة التي جعلت بها المعرض، وإعادة نشر الكثير من الصور الفوتوغرافية النادرة لشخصيات وأموات تلك المرحلة.
وقد حرص الفريق المكلف على نشر الغالبية الساحقة من المقالات التي تعبر عن آراء الأستاذ ميشال زكور بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى مقالات التحرير والدراسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تغطي الأحداث البارزة لتلك المرحلة على مختلف الصعد. وكان الطبيعي أن تنتقي مقالات متنوعة وليست من لون فكري أو سياسي أو ثقافي واحد، وأن تنتقي مقاطع من مقالات أو قصائد مطولة، إلا أن الفريق المكلف لم يسمح لنفسه بإضافة كلمة واحدة إلى النص الأصلي، أو بتعديل فكرة، أو بتبديل عنوان، أو إجراء أي تعديل من أى نوع كان.
كانت المعرض من أولى المجلات في لبنان، وربما في المنطقة العربية، التي اعتمدت الإخراج والطباعة الحديثة ونشر الصور والرسوم وتغطية الأخبار اللبنانية والعربية والدولية. إلا أن تلك السمة لم تكن ميزاتها الوحيدة، بل كانت مقالات منشئها السياسية والمعبرة عن مواقفه الوطنية الجريئة والرائدة ميزة أخرى أكثر فاعلية وأوسع انتشاراً إعلامياً. وكانت كوكبة الأقلام المشاركة في تحريرها تعد في طليعة القوى الثقافية والفكرية والأدبية، لا في لبنان فحسب بل في العالم العربي كله، وهي ميزة ثالثة لا تجد نظيراً لها في صحف تلك المرحلة ومجلاتها.
وبقي أن تشير إلى أن "المعرض" قد تميزت عن سواها وبشكل بارز، بما أفردته إدارة الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان ودفاعاً عن مصالحها الوطنية والشعبية، وعن استقلال هذين البلدين, ومن يقرأ افتتاحيات ميشال زكور، طوال فترة صدور "المعرض"، يلمس مدى صحة رؤيته الوطنية لمستقبل لبنان في زمن كل فيه مفهوم الوطنية يقسم اللبنانيين إلى فريقين متضادين. إقرأ المزيد