الأمثال الشعبية الجنوبية (بلدة جباع)
(0)    
المرتبة: 63,191
تاريخ النشر: 17/11/2017
الناشر: دار نلسن
نبذة نيل وفرات:الأمثال عند كل الشعوب مرآة صافية لحياتها، تنعكس عليها عادات تلك الشعوب وتقاليدها وعقائدها وسلوك أفرادها ومجتمعاتها، وهي ميزان دقيق لتلك الشعوب في رقيها وإنحطاطها وبؤسها ونعيمها، وآدابها ولغتها.
وقد عرّف أحمد أمين الأمثال الشعبية بأنها: "نوع من أنواع الأدب يمتاز بإيجاز اللفظ وحسن المعنى ولطف التشبيه وجودة الكتابة، ولا ...تكاد تخلو منها أمة من الأمم، ومزية الأمثال أنها تنبع من كل طبقات الشعب".
وإن كلا التعريفين ينظر إليها أحمد أمين من زاوية أدبية، ولا يعني هذا إنتقاصاً من قيمة أيٍّ من التعريفين، بل هو أقرب إلى الخلاف اللفظي لا الموضوعي: وهنا لا بد من العودة إلى معنى كلمة "مثل" لمعرفة الجوانب العديدة والخصائص الكثيرة للأمثال.
وعليه، فإن كلمة المثل من الماثلة، وهو الشيء يشابه، والشيء الذي يضرب لشيء فيجعله مثله، والأصل فيه التشبيه، ويقابله (مثل)، (مثال) (Maslal) في العبرانية، (Prabole) في اليونانية، ومعناها المماثلة والمشابهة، أي المعنى الوارد للفظة في العربية، وعلى ما ورد في مجتمع الأمثال، إذ يعرّف الميداني (518هــ) المثل بقوله: "فَمثلُ الشيء ومِثْلَهُ وشَبَهُهُ وشِبْهُهُ: ما يماثله، ويشابهه... هذا ولعل أجمع كلمة في الأمثال ما درجت به ألسن الناس: الأمثال تجارب الشعوب.
هذا وقد اهتم العرب منذ القديم، فجمعوها ودوّنوها في كتب أفردت بحدّ ذاتها للأمثال، وعلّقوا عليها وشرحوها وأوردوا قصصها، وكذلك وردت الأمثال في بطون الكتب العربية، وهذا دليل على تنبه المفكرين العرب القدامى الكبار إلى أهمية الإبداع الشعبي في صياغة النظر الفكري للإنسان العربي، فبذلوا الجهود الضخمة في تسجيل المأثورات الشعبية.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي انطلق الباحث وبغاية تأليفه من إهتمامه الشخصي بموضوع التراث الشعبي، والذي مثلّ الحافز على هذه الدراسة في سبيل الحفاظ على جزء بسيط من خزين هائل من التراث الشعبي الآيل إلى الضياع، إذا لم تتداركه أيدٍ أمينة فتجمعه وتحافظ عليه وتدرسه.
ومن ناحية ثانية، فإن عمله هذا والذي وجهه إلى بلدة جباع العريقة في التاريخ، كان الدافع إليه أن ما لحق بجبل عامل من غبن وإغفال لتاريخه، لحق هذه البلدة (جباع) أيضاً، فلم يهتم الباحثون بأمرها إلا منذ قليل، من أجل ذلك جعل عنوان بحثه هذا: "الأمثال الشعبية الجنوبية، بلدة جباع" قاصداً تحديد بينه الدراسة، مُلمِّحاً إلى أن الأمثال الجباعية ما هي إلا جزء من الامثال الشعبية الجنوبية، وأنموذج منها، وبالتالي هي أنموذج من الأمثال الشعبية اللبنانية.
وإلى هذا، وإلى جانب تركيز الباحث على جمع الأمثال وتدوينها في بحثه هذا عكف على دراسة تلك الأمثال مشيراً إلى شموليتها الإنسانية وخصائصها وأهميتها لا سيما لدى العرب، موضحاً أن الأمثال هي نتاج البيئة، لذا وجد ضرورة التعريف ببيئة البحث تعريفاً شاملاً، وجاء ذلك تحت عنوان "بيئة جباع"، مبيناً الأحداث التاريخية التي مرت عليها، وطبيعتها الجغرافية والإقتصادية والزراعية والتجارية، وغيرها من المسائل التي تتعلق بالمواصلات والكهرباء والإصطياف، مورداً بينات إحصائية تتعلق بالبيئة الإقتصادية لبلدة جياع، ويسلط الضوء من ثم على البيئة الثقافية لتلك البلدة من القرن السادس عشر حتى النصف الأول من القرن العشرين، منتقلاً من ثم إلى بيان ذلك، أي البيئة الثقافية فيها في العصر الحاضر إبتداء من النصف الثاني من القرن العشرين بما يشمل المدارس التكتلات والأشكال الثقافية، العادات والتقاليد والأزياء، ثم الحياة السياسية والتكتلات الإجتماعية، وليلتفت من ثم إلى تدوين وعرض الأمثال الشعبية التي وعتها تلك البلدة، وليدرجها حسب موضوعات أو عناوين شكلت قاسماً مشتركاً فيما بينها، وليعمد إلى دراسة كل مثل على حده وليبين بأن معظمها عرب الأصل، بحيث ورد في الأمثال العربية القديمة، كما أن الألفاظ التي تشكل بنيان الأمثال الشعبية نصيحة الأصل، لحقها بعض التعريف في العامية.
وتجدر الإشارة إلى أن الباحث استهل مبحثه بتقديم نبذة من الأمثال والعربي والبينة والمثل بما يعني الأمثال العربية القديمة والأمثال الشعبية الحالية ودلالة كل منهما على البينة، كما تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب هو في الأصل بحث جامعي قدمه الباحث لنيل شهادة الماجيستير في اللغة العربية وآدابها عام 1981. إقرأ المزيد