ديوان المفتي عبد اللطيف فتح الله
(0)    
المرتبة: 175,964
تاريخ النشر: 01/01/1984
الناشر: فرانتس شتاينر
نبذة نيل وفرات:لعل عاملاً معيناً مجهولاً، يضاف إليه الغموض الذي لفّ السنين الأخيرة من حياة الشاعر، الشيخ المفتي السيد عبد اللطيف فتح الله، هما اللذان جعلا ديوان هذه الشاعر يختفي طيلة ما يزيد على قرن ونصف القرن من الزمان، عن الناس بعامة، وعن الأدباء والشعراء المعاصرين له، الذين حفظوا الكثير من ...قصائده وموشحاته ورقائقه ومقطعاته، وقدّروا منشئها حق قدره، حين صدورها، بخاصة والسبب في اختفاء الديوان يعود إلى عدم وجود-أصلاً وإلى اليوم، سوى نسخة مخطوطة واحدة فريدة، هي التي جمع فيها الشاعر شعره، بخطّه وخطّ غيره من النساخ؛ فلما غابت هذه النسخة الفريدة الواحدة، انقطعت صلة الناس بمجموع شعر الشاعر، وبقي منه نذرٌ لدى من نسخ هذا النذر إبان شيوعه، أو لدى أحد من جمّاع الشعر، قام بجمع شعر الشاعر فترة فتوّته وقسمّ من شبابه، فسرى الوهم إلى من وصل إليه هذا النذر أن هذا هو مجموع شعر الشاعر. والمهم القول أن ما يزيد على قرن ونصف القرن من الزمن مرّا على اختفاء النسخة الوحيدة للديوان، منذ كتابة الشاعر للخطبة التي تصدرت تلك النسخة عام سبعة وثلاثين ومايتين وألف هـ (1822م) إلى هذا اليوم (عام 1399هـ-1979م) حين قام المحقق زهير فتح الله بنسخ المخطوطة الوحيدة وتحريرها وإعداد فهارسها للنشر بعد العثور عليها.
لقد كانت نتيجة هذا الاختفاء، أن غاب الشاعر عن سوق الشعر في القرن التاسع عشر والقرن العشري، كما فقد نصيبه من الدراسة والإبراز وإحلاله المركز الذي يستحقه في الأبحاث الأدبية التي تولّت دراسة نتاج العصور الحديثة من الشعر والنثر والفكر، فكان هذا النشر لديوانه سدّاً لهذه الفجوة البالغة في تأريخ الأدب، وفتحاً لمجال دراسة الشاعر وتقويم نتاجه وتبوئه المركز الذي يستحقه في معارج الشعراء.
يتحدّر المفتي الشاعر الشيخ السيّد محمد عبد اللطيف فتح الله من أسرة بيروتية عريقة، اشتهرت بالعلم، وشُهر عنها تقديمها مفتين لبيروت طيلة قرنين من الزمان، كان آخرهم السيد عبد اللطيف، صاحب الديوان. ويعود السبب في تلقيب الشاعر "بالسيّد" إلى أنه كان يعتقد انتماءه إلى العترة النبوية الكريمة. وبالنسبة لشعره فإن ما يتميز به ديوان الشاعر كونه شديد الاتصال بشخص ناظمه، حتى ليصبح اعتباره ترجمةً أدبية لحياة أحد الشعراء، أحد مذكرات ذلك الشاعر عن أدباء وعلماء وأحداث عاشها، وإثباتاً لمشاعر وأحاسيس تستغرق كامل مشاعر وأحاسيس النفس البشرية، من حبّ وكره وإعجاب وازدراء وتقدير وعرفان بالجميل وشعور بالجمال، وتحسس وتعبير عن الميول الزاخرة في النفس على أنواعها، وتقدير لفترات ومواطن الجمال في الطبيعة، وتعالً وتصاعدٍ في المشاعر الدينية، وما تستتبعه، بعض الأحيان وفي وضع الشاعر وزمنه، من مشاعر التزام قومي، وبين كل ذلك انفراجات للنكتة والدعابة والحكمة والشكوى والتألم والتحسر والطموح والخيبة. هذه الصلة بين الشاعر وديوانه توحي بانطباق مدلول "الشاعر الوجداني الغنائي" على هذا الشاعر.
إلى جانب ذلك فقد تضمن الديوان نماذج لجميع فنون الشعر، فالشاعر يصطنع معظم بحور الشعر التقليدية، ومن في اللهجة غير الشائعة لبعض قبائل العرب، كلهجة حِمْيَر، إضافة إلى مختلف أنواع الموشحات وبحور المولدين السبعة، الفصيحة والعامية، مضافاً إلى ذلك كله أشكال التخميس والتشطير والمعارضة.
هذا وإن الظاهرة الأبرز في ديوان الشاعر الغزل في مختلف الألوان التي تناولها الشعراء، ومقابل هذا التيار الجاري في ديوانه هناك تيار آخر هادٍ هادئ، يحمل روائع الزهريات والابتهالات وموشحات الأدعية والتضرعات، الموجهة إلى الله الخالق المبدع، وإلى الأنبياء والرسل والصالحين، تيار عصمة طاهرة؛ وقد جاء هذا الديوان محققاً حيث قام المحقق وبعد نسخه للمخطوطة الأصلية، بتعليق بعض الحواشي المفيدة في التعريف ببعض معاني الكلمات أو الأشخاص، أو المعالم، أو غيرها... بالإضافة إلى ذلك قام المحقق بإعداد فهرسة لقصائد الديوان ومقطوعاته وموشحاته حسب رويّ كل منها كما قدم ثبتاً بممدوحي الشاعر وبالمناسبات وبالأحداث التي تشكل موضوع القسم من القصائد المخصصة لهذا اللون من ألوان الشعر في الديوان، ووضع عناويناً للألف والمائتين والخمسين قصيدة ومقطوعة التي يحويها الديوان، مستوحاة من تلك القصائد، بعد ترقيمها تسلسلياً. إقرأ المزيد