تاريخ النشر: 01/01/2009
الناشر: دار صادر للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:هو قيس بن عمرو بن مالك ، من بني الحارث بن كعب ، وفصّل إبن عساكر القول في نسبه فقال : هو قيس بن عمرو بن مالك بن حزْي بن الحارث بن خديج بن معاوية إبن خديج بن الحماس بن ربيعة بن كعب بن عمرو بن علّة بن جلد ...بن مالك بن أُوَد الحارثي المعروف بالنجاشي ، يُكنى أبا الحارث وأنا محاسن . أما النجاشيْ فلقبٌ عُرف به واشتهر حتى طغى على إسمه ، وذلك بسبب لونه الذي ورثه عن أمه الحبشية . وليس هناك من المصادر ما يساعد على تحديد تاريخ تقريبي لولادة النجاشيّ ، ولكن من المتفق عليه أنه شاعر مخضرم عاش ردحاً من حياته في الجاهلية ، وآخر في الإسلام ، وفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولازم عليّ بن ابي طالب رضي الله عنه وكان يمدحه . والكتاب الذي كان يمكن أن يعطي صورة واضحة عن حياة الشاعر هو " كتاب النجاشيّ " الذي وضعه أبو الحسن عليّ بن محمد المدائني المتوفي سنة 215 ه ، وهو كتاب يشير إليه إبن النديم في " الفهرست " عندما يذكر ما كتبه المدائني في أخبار الشعراء ، غير أن هذا الكتاب - للأسف - ما يزال في علم الغيب . لذلك كان لا بد للمحقق ، وللتعرف على النجاشي ، إلا أن يلملم ما تناثر من أخباره في بطون المصادر . عمّر النجاشي طويلاً ، ويذكر الزركلي أنه اشتهر في العصرين . ومهما يكن من أمر ، فقد كان النجاشي شاعراً مشهوراً ، استمد شهرته من خلال قدرته الهجائية ، ويبدو أن الهجاء كان يلائم طبيعته ، فقال فيه وأحسن ، وهاجى فغلب . فقد هاجى حسّان بن ثابت وإبنه عبد الرحمن فغلبهما ، وهاجى تميم بن أبيّ بن مُقبل فغلبه أيضاً ، مع أنه لم يكن إليه في الشعر ، ولم يكن هجاؤه وقفاً على الأفراد ، فقد هجا أهل الكوفة ، وهجا قريشاً أكثر من مرة ، ومما قاله في هجائها : [سَخِيْنَةُ حيٌّ يعرف الناس لُؤْمها .. قديماً ولم تُعرف بمجدٍ ولا كرمٍ ] . وتذكر المصادر التي تحدثت عن النجاشيّ أن كان يهاجي تميم ابن أبيّ بن مقبل ، وتروي له أبياته اللامية المشهورة في هجاء بني عجلان ؛ قوم إبن مقبل ، وليس فيها ما يخص إبن مقبل وحده ، إلا البيت الأخير . وقد كتبت لهذه الأبيات الحياة والشهرة بسبب موقف بني العجلان فيها ، ولجوئهم إلى الخليفة الثانية عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وكان النجاشي شاعر عليّ رضي الله عنه ، إذ كان أهل الكوفة شيعة لعلي رضي الله عنه ، ومنهم بنو الحارث قوم النجاشي ، لذلك لم يكن من المستغرب أن نجد النجاشي بين الشعراء المؤيدين لعليّ . ويبدو أن النجاشي كان الموهبة الشعرية الأكثر نضوجاً في الجبهة العراقية في أيام صفين . هذا ولم يجمع القدماء شعر النجاشيّ الحارثيّ في ديوان خاص ، ولذلك كانت قصائده ومقطعاته عرضة لعوادي الزمن التي عدّت عليه بقسوة ، فلم تترك منها ما يتناسب مع شهرة الشاعر ، أو مع مقدرته الفنية التي يشير إليها ما تبقى من هذا الشعر . ويذكر المحقق أنه على يقين بأن قدراً من شعر النجاشي قد ضاع ، ولكنه حاول جاهداً جمع ما استطاع من شعره ، رغم كل الصعوبات التي واجهته ، ليخرج هذا الشعر بصورة واضحة تقرّبه من نفوس القراء ، أو الباحثين . وبالنسبة لعمله في كتابه هذا ، فقد حاول توضيح المناسبة التي قيلت فيها الأبيات ، واجتهد في شرح الألفاظ الصعبة ، وعرّف قدر استطاعته ، بالأعلام الواردة أسماؤهم في الشعر ، أو في المناسبة التي قيل فيها ، وكذلك فعل بالأمكنة ، وارتأى أن يكرر اللفظ عند تكرار وروده ، وكذلك فعل بترجمات الأعلام ، وذلك تسهيلاً للقارىء وتيسيراً له ، وأشار في الحواشي إلى ما رآه صواباً ، بالنسبة لبعض الألفاظ ، أو إلى ترتيب الأبيات ، وصحح ألفاظاً كانت بيّنة الغلط ، وترك أخرى - بعد الإشارة إليها في الحواشي ، وردت في مخطوطات المصادر بصورة غير صحيحة ، لم يستطع تصحيحها ، أو الإطمئنان إلى وجه صواب قد تكونه ، أو تكون قريبة منه ، فتسهم في فهم معنى البيت ، أو الأبيات . بالإضافة إلى ذلك ارتأى ، وعند إثباته الأشعار ، أن يعتمد أساساً المصدر الذي أورد عدداً أكثر من الأبيات ، ليسير من ثَمّ إلى خلاف الرواية بين المصادر ، في حال وجوده . وأخيراً ينوّه المحقق بأن ما جمعه في هذا الكتاب من شعر للنجاشيّ ، هو ليس كل ما قاله النجاشيّ ، بل كل ما حملته المصادر التي استطاع الوصول إليها ، ومهما يكن من أمر فإن ما جمعه المحقق يمكّن من دراسة شعر النجاشيّ بصورة أفضل ، ومن إصدار أحكام مقبولة . إقرأ المزيد