تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء
(0)    
المرتبة: 143,379
تاريخ النشر: 01/01/1992
الناشر: دار الوسيم للخدمات الطباعية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:تعتبر حلب من أهم المدن الإسلامية ذات الماضي العريق التي تمتد جذورها عمقاً في التاريخ فموقعها الجغرافي الهام أهلها أن تكون عقدة للمواصلات التجارية منذ نشأتها ولعل تلك النشأة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بذلك، كما أن مناطقها الزراعية الخصبة، التي تحيط بها، جعلتها مصدراً كبيراً للمواد الغذائية من زيت وحبوب ...وغيرها من المنتوجات التي تحتاجها الشعوب المجاورة.
هذا الثراء الملمح إليه أعلاه أطمع فيها الحكام والطامحين أو الطامعين من الشرق أو الغرب فقد حرص حكام بلاد ما بين النهرين مثلاً وباستمرار على أن تكون حلب والطريق التجاري الواصل بينها وبين مناطقهم آمناً باستمرار، كما طمع جيرانها الشماليون أي الحثيون فيها للاستفادة من رخائها.
يصف ابن جبير الرحالة المشهور مدينة حلب بعد أن زارها قائلاً: "..قدرها خطير وذكرها في كل زمان يطير، خطابها من الملوك كثير ومحلها من النفوس أثير، فكم هاجت من كفاح وسل عليها من بيض الصفاح... أين أمراؤها الحمدانيون وشعراؤها لقد فني جميعهم ولم يبق إلا بناؤها فيا عجباً لبلاد تبقى مذ يذهب ملاكها ويهلكون ولا يفضي هلاكها وتخطب بعدهم فلا يتعذر أملاكها وترام فيتيسر بأهون شيء إدراكها...".
لقد كانت حلب رغم التقلبات السياسية مركز إشعاع علمي كبير ويشهد على ذلك ما تضمنه من مدارس ومراكز علم فيذكر بعض المؤرخين أنه كان بها يوم اجتاحها هولاكو ثلاثمائة مدرسة ومركز، فأمها طلاب العلم من كل حدب وصوب ينهلون من مدارسها أصناف العلوم من فقه وتفسير ونحو حساب وموسيقى وغيرها الكثير وقد سمح ذلك بظهور عدد كبير من العلماء والفقهاء والمحدثين والأدباء مما لا يحصيه العد، منهم على سبيل المثال: شيخ الإسلام أبو داوود، وأحمد بن حنبل، وسعد الدين ابن الشيخ محمد الدين بن عربي، ومن الشعراء وعلماء اللغة: المتنبي الشاعر المشهور الذي ملأ صيته الدنيا وشغل الناس بشعره، وابن خالويه وأبو فراس الحمداني، والخالديان، والصنوبري وابن نبابة وغيرهم الكثير، ومن الفلاسفة: أبو نصر الفارابي (المعلم الثاني)، ومن الأطباء العديد فقد قيل إنه كان في بلاد سيف الدولة الحمداني أكثر من ثلاثين طبيباً، أما المؤرخون فمنهم: السائح الهروي وابن شداد وابن العديم وابن أبي طي الحلبي وابن الوردي وابنا الشحنة أبو الفضل وأبو الوليد والعظيمي وأبو الوفاء العرضي وابن الحنبلي... الخ، ولقد لخص أو ذيل كل منهم لسابقيه أو أرخ لفترة معينة وكتبهم معروفة ومشهورة وهذا ما دعا للدكتور تيودور بيشوف الجرماني الأصل صاحب كتابنا هذا لأن يجمع ويلخص بعضاً منها أي من تلك الكتب ليقدم هذا الكتاب المختصر المفيد الذي يشمل تاريخاً لمدينة حلب منذ أول عهدها بالإسلام. بعد مقدمة قصيرة لحياتها قبل الإسلام، حتى بداية الحكم العثماني، مما لا نجده في غيره وسماه: "تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء".
وهنا لا بد من الإشارة إلى بعض الملاحظات التي تنصف المؤلف وهي أنه ليس بمستبعد لطبيب أو مستشرق ألماني لا يعرف العربية الفصحة أن يستعين ببعض أدباء حلب في تصحيح الخطبة التي في أول الكتاب، كما لا يستبعد أن تكون فاتحة الكتاب أي المقدمة من إملائه وقد جمعها كما تبين لنا من مصادر كثيرة ليست مذكورة فيما كتبه المؤرخون العرب المسلمين، عموماً يمكن القول أن المؤلف بذل جهداً كبيراً في إعداد كتابه وهو بذلك مرجع لا يمكن تجاوزه عند كتابة تاريخ حلب.
بقي أن نقول إن بيشوف اعتمد عند الحديث عن الفترة التي تلت كتاب الزبدة زمنياً، على كتاب "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لابن إياس والمرتب على السنين حيث جمع منه أخبار حلب وأضافها إلى ما لخصه عن كتاب "الزبدة" ليكون متن تاريخه هذا. عموماً إن أمر النقل أو التلخيص ليس بمستغرب فنجده عند الكثير من المؤرخين الذين سبقوا بيشوف أو جاؤوا بعده وهو لا يقلل كثيراً من شأن الكتاب إلا أن بيشوف فاته أن يذكر أنه لخص أو نقل من كتاب الزبدة أو بدائع الزهور أو من غيرها.
وبالنظر لأهمية هذا الكتاب فقد اعتنى كل من الدكتور شوقي شعت، والأستاذ فاتح بكور بتحقيقه حيث اهتما أولاً: بتقسيم الكتاب إلى فصول لأن هذا غائب في الطبعة الأولى، ثانياً: قاما بضبط النص لغوياً وتصويب أخطائه النحوية والإملائية، ثالثاً: إضافة علامات الترقيم من فاصلة ونقطة وإشارات استفهام... الخ كما جرى تقسيم الكتاب إلى فقرات ومقاطع، رابعاً: ترجمة الإعلام من أشخاص ومواقع وبلدان في الحواشي إلى جانب إغناء تلك التراجم بالمراجع للاستزادة من المعلومات. خامساً: نوّها إلى بعض المصادر والمراجع التي أخذ عنها المؤلف كل في مكانه. إقرأ المزيد