التناغم والمخالفة في اللسانيات التوليدية
تاريخ النشر: 12/07/2016
الناشر: عالم الكتب الحديث
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:إذا كانت اللغة في حقيقتها أصواتٌ تصدر عن التحركات المتنوعة والأوضاع المختلفة التي تتخذها أعضاء الجهاز النطقي حين النطق بالكلام، فليس معنى ذلك أن اللغة في حقيقتها ركامات من الأصوات المفردة المصطفة توالياً في السلسلة الكلامية كما تصطف الحروف في الكلمات المكتوبة، بل سلاسل من التشكيلات الصوتية المتعانقة يتداخل فيها ...البعض مع البعض الآخر. فالناطق باللغة لا يصدر أصواتاً مفردة مستقلّ كل منها بذاته، بل ينتج "كلمات" و "عبارات" و "جملاً".
والأصوات في تشكّلها وفي علاقاتها الأفقية والتركيبية تخضع لنظام متجانس مغلق، ووجود هذا النظام كان لضرب من التوازن، فانطلاقاً من مجموعة الأصوات المحددة والمؤتلفة جنباً إلى جنب مع بعضها البعض تحت راية هذا النظام اللغوي المتجانس المغلق، تستطيع اللغة خلق ما لا نهاية من العلاقات اللغوية لتأدية وظيفتها الجوهرية كوسيلة للتواصل.
إلا أن هذا النظام اللغوي الذي ينتظم تأليف الأصوات يصطدم أحياناً ببعض التعقيدات إجراء على مستوى الآلة الناطقة، فالأصوات اللغوية المتواردة في السلسلة الكلامية قد يحدث بينها من أنواع التدافع والتضارب ما يؤدي بها، في الأخير، إلى زعزعة هذا النظام الذي بموجبه ائتلفت، فتوالي المتماثلات مثلاً يتسبب في عرقلة عمل الأعضاء الناطقة وإثقال حركتها، الأمر الذي يدفع بها، من أجل إعادة الإنسيابية لها، إلى إيجاد نوع من التعاون والإتفاق الذي بمقتضاه يميل كل واحد منها بالوضع الذي يتخذه إلى أن ينسجم مع أوضاع الأعضاء الأخرى، بل إن الإتفاق قد لا يقتصر على وضع الأعضاء فقط، وإنما يتعداه إلى الإتفاق العضلي كذلك من خلال إجراء العمليات الجراحية المناسبة على التتابعات الصوتية الثقيلة والمتعسّرة نطقاً، والمخالفة الصوتية واحدة من الإستراتيجيات الجراحية التي تنقل المجاميع الصوتية من حالاتها الممجوجة إلى صور من الأداء النطقي السلس العذب الذي يجد له وقعاً في القلوب وتأثيراً في النفوس. إقرأ المزيد