النص وتفاعل الملتقي في الخطاب الأدبي عند المعري
(0)    
المرتبة: 73,019
تاريخ النشر: 01/01/2015
الناشر: دار رسلان للطباعة والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:إن الأدب لا يعكس شخصية حقيقة ثابتة لا تعرف التغير، وإنما الأدب كتلة من الأهواء والغرائز والميول لا تستقر على حال، بل إنها عرضة للظهور والخفاء والقوة والضعف تبعاً لمزاج الأديب نفسه، ثم إن الأدب أيضاً حلم قد يتخيل عوالم وأشخاصاً فينسب إليها مشاعر وهي لا توجد عياناً في ...الواقع الفعلي.
ولعلّ هذا يشبه ما سمّاه القرآن الكريم بالهيمان، وذلك في معرض حديثه عن طبيعة الشعراء حين وصفهم بأنهم ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)﴾...
فهذا الوصف هو الأقرب إلى حقيقة الأدب كله - إنشائه ونقده - إذ لا يعدو أن تتحكم فيه الرؤية الحالمة وتوجهه المشاعر والإنطباعات الوجدانية المتقلبة.
وإستناداً إلى هذا التصور يمكن القول: إن للمعري شخصيتين اثنتين: إحداهما بيولوجية ترابية وهي التي تعرضت للموت والبلى منذ قرون، والأخرى كلامية فنية نحتت لها عالماً جمالياً ثم استقرت فيه بصورة أخرى غير الصورة التي كانت عليها في واقعها التاريخي، وقد قيّض الله تعالى لهذه الشخصية خلوداً فنياً، تتعاقب عليها العصور والأجيال تسألها فتجيب، فإليها أن نتجه بالسؤال لا إلى غيرها الذي قضى نحبه منذ قرون خلت.
إذا لم يكن أدب المعري ترجمة أمينة لمؤلفه ولا يعبر على وجه الحقيقة عن مقاصده ونواياه، فعلى أي شيء يدل؟ وما طبيعة الذات التيّ يعبّر عنها ويرسم ملامحها وأبعادها؟...
على كثرة ما كتب المعري قديماً وحديثاً وعلى الرغم من المصنفات التي ألفت حول أدبه شعراً ونثراً، فإن هذه الدراسة الجديدة تناولت الخطاب الأدبي عند المعري، واتسم البحث بالجدة والعمق.
إن نظرية التلقي التي قارب بها الكاتب أدب المعري تضيف إلى شخصية الأديب الكثير، وتضيف إلى فنونه الشعرية والنثرية بعداً بحثياً جيداً قد عنيت بالمتلقي قدر عنايتها بالنص المقروء.
الدراسة هامة وذات نكهة أدبية ماتعة ورؤية فكرية متمكنة؛ فإن الفصول الثلاثة التي تشكل بؤرة هذه الدراسة فقد كانت الغاية منها الإهتمام بوظيفة المتلقي وعلاقته بالنص الأدبي، وذلك من خلال المتن الأدبي عند المعري، الذي لم نكن نميز فيه بين ما هو إبداعي وما هو وصفي نقدي.
ويرجع السبب في ذلك إلى أن المعري نفسه قد نحى هذا المنحى الفني الذي كأن يجمع بين التجربة الإبداعية والتجربة النقدية في نص واحد يمكن أن نسميه "النص الجامع"، ومعناه أن الإبداع الأدبي قد يتحول إلى نقد ضمني، كما أن النقد الأدبي يصير بدوره إبداعاً في حالة إنتظار.
وقد رأينا أن نوزع في هذه الفصول الثلاثة وفق الترتيب الآتي: اهتم الفصل الأول بــ "المتلقي الخبير" في علاقته بالنصوص الشعرية، أما الفصل الثاني فكان موضوعه الإهتمام بجمالية الإيقاع والموسيقى في الشعرية العربية القديمة وأثرها في إحداث الواقع الجمالي، وفي الفصل الثالث المتن الشعري عند المعري وعكفنا فيه على إبراز الإكراهات الفنية والجمالية التي يفرضها المتلقي على النص. إقرأ المزيد