استراتيجية الشعائر الدينية عند الشيعة الإمامية ؛ ما هي الآثار التي تولدها الشعائر الدينية في الفرد والمجتمع؟ وكيف تقوم بذلك؟
(0)    
المرتبة: 190,492
تاريخ النشر: 15/02/2016
الناشر: جيكور للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:إنّ علاقة الشعائر بالأديان علاقة حيوية؛ بل ويمكن الإدّعاء بأنّها مصيرية، بمعنى أنّ الأديان الحيوية هي الأديان التي تتمظهر في شعائر واضحة ومفهومة، والأديان الخاملة هي التي تنقضها الشعائر الحيوية، والقصد من ذلك ما يمكن أن يطلع عليه البشر لفظ الدين، بمعنى أنّ حتى الأديان الوضعية التي اخترعها الناس ...واعتبروها عقائد يتعبّدون بها. وبصورة عامّة يمكن القول بأنّ الأديان السماوية هي أديان حيوية وحافلة بالشعائر والأفعال التعبدية.
ولذا فإنّ الأديان ذات الشعائر هي أكثر خطأ في البقاء والاستمرار في الأديان التي تقتصر على نصوص وأفكار مخزونة بين دفاف الكتب والقراطيس، فالدين يجب أن يتفاعل معه الناس بأبدانهم وعقولهم وسلوكهم وأوقاتهم وبقاعهم وأموالهم وأرواحهم وأعمالهم لكي يشعروا بوجوده باستمرار ولا ينسونه أو ينفصلان عنه، بل وحتى الأديان البشرية التي يخترعها الناس، فإنّ أول ما يفكر فيه مبتدعوها هو اختراع مجموعة من الشعائر والطقوس العبادية والمالية والإجتماعية وغيرها لكي يمزجوها بكيانات الأتباع وحياتهم ومشاعرهم واعتقاداتهم، فكلما زادت الشعائر، زادت حيوية الدين، ولذلك ليس هناك ديناً مليئاً بالشعائر بمختلف أصنافها كالدين الإسلامي، وليس من مذهب إسلامي تنوعت فيه الشعائر كالمذهب الشيعي.
و إلى هذا، يمكن تعريف الشعائر الدينية على أنّها أفعال وممارسات أو رموز تعبّر عن معتقدات ذات قدسية ما، ويتم تشعيرها من خلال ربطها بقيم أو شخصيات أو وقائع أو أماكن مقدّسة. ويُقصد بالأفعال؛ الأمور التي تحتاج إلى القيام بعمل على هيئة معينة؛ كالصلاة، والحج، والسفر لزيارة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولإقامة مجالس الذكر، وقراءة القرآن الكريم وغيرها.
ويقصد بالممارسات، الأمور التي نحتاج إلى اتباع سلوك معين، كلبس الملابس الجديدة في الأعياد، والامتناع عن الأكل عند الصيام، وتوقير واحترام مشاهد آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والرموز هي الأشياء التي يتم إبرازها للتعبير عن روابط صاحب الإعتقاد وإلتزاماته، كلبس اللون الأبيض في الحج والأسود في عاشوراء.
حول هذا الموضوع، وبالتحديد حول استراتيجية الشعائر الدينية عند الشيعة الإمامية يأتي هذا الكتاب الذي يضم ثلاثة أقسام. يتكلم القسم الأول في فصوله الخمسة عن طبيعة الشعائر وتعريفاتها وأصنافها ومكوناتها ليتطرّق في الفصل الأول، وبشيء من التفصيل إلى الحديث عن المزيج الشعائري، أي المكان والزمان والسلوك والخطاب، وليوضح في الفصول الباقية كيفية تشكّل المكان والزمان الشعائريان والسلوك الشعائري المانسب لكل صنف من الأصناف، وطبيعة الخطاب الشعائري ومحتوياته.
وأمّا القسم الثاني فهو يتحدّث وضمن فصوله الثلاثة عن عملية إحياء الشعائر الدينية، مبيّناً بتفصيل الأدوات والأدوار الأساسية المستخدمة في عمليات الإحياء، وكيف أنّه تمّ استخدامها منذ العصور الأولى للإسلام امتداداً إلى يومنا هذا.
ويتطرق القسم الثالث بفصوله الأربعة إلى آثار الاستراتيجية لعملية إحياء الشعائر، مبيّناً تأثير هذه الشعائر على تشكيل الهوية الشيعية عمودياً على مدى التاريخ، وأفقياً على مدى العالم، وجميع بقاعه وذلك من خلال تشكيل الذاكرة الجماعية والتأسيس للقيم المشتركة، منتقلاً من ثمّ للحديث عن التعبئة الدينية التي تولدها عملية الإحياء وتأثيرها الإيماني والمعرفي على المسلم الشيعي مبيّناً الآثار التعييرية الاجتماعية والاقتصادية والسياسة لعمليات الإحياء على المجتمع الشيعي برمته، ولتحمل خاتمة القسم الثالث توضيحاً لآثار الشعائر الدينية وإحيائها على انتشار ورواج المذهب الشيعي. إقرأ المزيد