هكذا تكلم عيسى (عليه السلام)
(0)    
المرتبة: 140,327
تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:يبقى الفكر الإنساني في بحث دؤوب عما يصلح حال الإنسانية الفارقة في دواماتها الدنيوية، والتي ما زالت تشدّها إلى غرائزها الجامحة... التي تجمح بفعلها دون هوادة مؤدية بها إلى دروب مظلم.
من خضم هذه المعاناة يصرخ صوت يهيب بالعودة إلى من شكلوا نبراساً للإنسانية بدعواتهم السمحاء التي تعين الإنسان على ...الخروج من دوامة النفس ودوامة الشيطان، وينتهي إلى السمع صوت عيسى عليه السلام بأقواله وتعاليمه السامية، مرة بعد أخرى، فيرتقي العقل وتسمو النفس، ويصبح المطلب أكثر إلحاحاً فيما لو كان بالإمكان الحصول على كنوزه عليه السلام من أقوال وتعاليم لتقديرها، فإنما هي نفحات آلهية منّ بها الله تعالى على رسله لتكتمل رسالتهم، فكل رسول خصه الله تعالى بغيض من لدنه يحاول من خلاله بثه في الناس لإصلاح حالهم ومآلهم.
وفي هذا الكتاب البغية والطلب، فقد جمع بين دفتيه كلام عيسى عليه السلام المقدس جمعه المؤلف من مصادر شتّى: إسلامية ومسيحية، الإسلامية منها يعود في معظمه إلى القرون الهجرية الأولى، وذلك مما ألفه العلامة الصدوق والعلامة الكليني، جمعه المؤلف كي يكون نبراساً ومشعلاً يضيء الطريق في ظلام الحضارة الحاضرة... فتنتعش الأرواح، وتسمو النفوس والغايات في هذه الحياة.
وإن لكَلِماته لتنفذ بقوة من خلال 2000 عام من التاريخ، حتى إلى درجة يتداعى إلى جامع هذه الأقوال والتعاليم، وأثناء جمعه لها بأن عيسى عليه السلام أمامه يكلمه، ويهزه بكلامه هزّاً، مستمطراً الدموع المتدفقة من عيونه، مؤكداً بأنه لا غرابة فإعتقادنا أنه عليه السلام هو حيّ ويعيش الآن في السماء الرابعة، وأنه سوف يهبط إلى الأرض في آخر الزمان، وهذا الإعتقاد هو مشترك بين المسلمين والمسيحيين.
وهذه بعض ما ورد من أقواله المقدسة عليه السلام في هذا الكتاب: أنه يبشر الفقراء الذين يبغضون بصدق مباهج الدنيا بأنهم سيحصدون بغزارة مباهج ملكوت الله، ويقول بأنكم في هذه الدنيا مسافرون كالحجاج، وهل الحجاج يحيطون أنفسهم بالقصور والحقول ومتاع الدنيا وزينتها وزيرجها وزخرفها؟...
بالتأكيد لا! لأنهم يحملون معهم أشياء خفيفة تنفعهم وتريحهم على الطريق، إنه يبشر المحسنين بأنه بالإحسان تتراكم كنوزهم في ملكوت الله ويقول يا ليتكم اهتممتم بالفقراء وكسبتم أصدقاء بالإحسان إليهم وإنفاق الثروة عليهم: إنه يبشرنا بأننا إذا استقررنا في ملكوت الله، نرى الله إلى الأبد ونحظى بالسعادة والمجد، وبأننا بالصبر سوف تملك أرواحنا، ويعظنا أن لا نرد على الإساءة بالإساءة ولكن بالبر والإحسان، وندعو الله للذين يكرهوننا، ونطلب لهم الخير، ويؤكد بأن النار لا تخمد بالنار بل بالماء... ويعظنا أن لا نقارع الشرّ بالشر، بل نقارع الشرّ بالإحسان، إنه يفتح عيوننا على الواقع المرير بأننا نشيع موتانا إلى القبور ونقدم لحومهم طعاماً للديدان، ثم لا نعتبر!...
كم نحن بعيدون عن واقع الحياة، حيث نظن بأننا في هذه الدنيا خالدون، لأننا نبني قصوراً ونلهث وراء المال، أن ينصحنا إذا كان لا بد من جمع المال فلنجمع المال لراحة الجميع حتى تزداد راحة وسعادة، ويقول لو أننا نحظى بعقلٍ متّزن، لما جمعنا المال لأنفسنا فحسب؛ بل للجميع على السواء، والذي يجمع أكثر يرغب أكثر، وهذا هو الجنون بعينه، ويقول: الحق أقول لكم: جمع الدنيا حباً في الدنيا شهادة صارخة لخسران الآخرة، لأن الدنيا والآخرة على طرفي نقيض، فكيف تطلب نعيم الدنيا ثم تتوقع حصول النعيم في الآخرة! ويقول بأننا مجانين لو لم نسلم كل حواسنا لله، كي يشتري أرواحنا، حيث يستقر كنز العشق، لأن العشق كنز لا يضاهيه أي كنز، ويقول: من أحب الله وعشقه كسب الله، ومن كسب الله كسب كل شيء، ويقول: كل ما تمتلكونه هو من الله، وهو الذي وهبكم إياه، قولوا لي: أيها أغلى وأعلى قيمة: الهبة أم الواهب؟ قال عيسى عليه السلام الكثير، وشملت أقواله وتعاليمه كل ما يقوم حياة الإنسان في دينه ودنياه في حياته الدنيوية والأخروية فيحظى بسعادة الدارين.
قال في التوحيد وفي أولياء الله المضطهرون وفي الصلاة وفي الأنبياء جميعهم وقصّ الأولين ليكون في ذلك لكل إنسان موعظة، قال في وجدانية الله وقدرته وفي وجوب طاعته... أقواله... تعاليمه... عظاته معين سعادة لا ينضب كيف لا وهو رسول من رسل الله... خصه الله تعالى في قراءنه بآيات كثيرة ليكون المسلم قريباً من رسالته كما الحال مع أنبياء ورسل الله جميعهم. إقرأ المزيد