تاريخ النشر: 25/03/2015
الناشر: طوى للنشر والإعلام
نبذة نيل وفرات:"وقال" حسناً... يبدو أنها ستمطر... إنها تمطر سنوياً في مثل هذا الفصل من كل عام... فقال جوان "إنني لا أشكو من هذا الفصل ولكني أشكو من هذا الترس المراد إصلاحه بينما المسافرون منتظرون والأرض تكون مثل العجين بفعل المطر به وقال بيميلز "المطر يؤدي إلى ظهور الأعشاب الجيدة للماشية" ...فتوقف جوان عن العمل ونظر نحوه وقد تجمدت عنياه من لهو وتسلية وقال "أكيد، من المؤكد أنها تفعل ذلك" فأشاح بيمليز بوجهه في خجل وإرتباك.
وكان الأوتوبيس مضاء آنئذ بالمصباح اليدوي وبدا عجيباً لا حول له ولا قوة، ففي مكان العجلات الخلفية كان يوجد حصانان ثقيلان من الخشب وبدلاً من أن ترتكز مؤخرة الأوتوبيس على محاور العجل فإنها كانت ترتكز على أربعة ممتدة من حصان لآخر، لقد كان أتوبيساً قديماً به محرك ذو أربعة أسطوانات ضغط منخفض بفيتس حديث مما يعطيه خمسة سرعان للأمام بدلاً من ثلاثة اثنتان منهم تحت معدل السرعة المتوسطة واثنتان فوق معدل السرعة المتوسطة.
وكانت الجوانب البالونية للأوتوبيس ثقيلة ولامعة بسبب طلاء الألمونيوم، ولكنها مع ذلك كانت تظهر النتوءات والإلتواءات والتحطيم والخدوش مما يدل على أن له تاريخاً طويلاً حافلاً بالعنف، فالطلاء اليدوي لسيارة قديمة يجعلها تبدو أكثر قدماً وأشدّ رداءة عما لو تركت على حالتها الطبيعية بما في ذلك من صدأ يبعث على التكريم والإحترام.
ولقد أعيد بناء الأوتوبيس من الداخل أيضاً، فالمقاعد التي كانت في يوم ما منسوجة من قش الخيزران قد جرى تنجيدها بقماش مشمع أحمر اللون... لقد كان أتوبيساً قديماً للغاية وشهد رحلات عديدة وصعاب كثيرة، كانت أرضيته المصنوعة من خشب البلوط مقدرة ولامعة بفعل أقدام المسافرين وكانت جوانبه منثنية ثم قُوِّمت وأصلح من شأنها.
أما نوافذه فكان يصعب فتحها نظراً لأن هيكله بأكمله قد تعرض للتلف مما غيّر في شكله، فكان جوان ينزع النوافذ في الصيف ثم يقوم بتركيبها مرة أخرى في الشتاء، وكان التمزق في مقعد السائق قد وصل في العمق إلى السوست اللولبية ولكن كانت توجد مخدة ذات قماش شيت وردي في المكان الممزق لتحقق هدفأ مزدوجاً، حماية السائق وإبقاء السوست اللولبية لأسفل، وفي أعلى الزجاج الأمامي للأوتوبيس كانت تتدلى الأشياء المقدسة: حذاء طفل رضيع - وذلك من أجل الحماية لأن القدم المتعثرة لطفل رضيع تتطلب العون المستمد من الله، وقفاز ملاكمة صغير للغاية.
وذلك من أجل القوة، قوة قبضة اليد على عجلة القيادة وقوة البستم (المكبس) في رفع الذراع بين المكبس والكرنك، وقوة الإنسان من حيث هو فرد مسؤول وفخور، وكانت تتدلى عند الزجاج الأمامي للأوتوبيس دمية من البلاستيك في شكل عروسة لها غطاء للرأس من ريش النعام الأحمر الزاهي وترتدي سارياً هندياً مثيراً.
وعندما يكون الأوتوبيس في حالة حركة فإن هذه الأشياء المعلقة تدور وتتحرك وتتأرجح إلى أمام عيني السائق، وعندما منتصف الزجاج الأمامي للأوتوبيس وفوق المرآة الداخلية مباشرة كان يوجد تمثال صغير معدني لعذراء جاد اليوب مطلية بألوان زاهية ولها أشعة ذهبية ورداء أزرق اللون وتقف على هلال يرفعه ملائكة وكان هذا التمثال هو ما يربط جوان شيكوي بالأبدية والخلود...
لهذا الأوتوبيس قصة توالدت عنها قصص وحكايات تشخصياتها أصحاب الأوتوبيس وركابه الذين كانوا يتوالون عليه عند تلك المحطة ذهاباً من المحطة الواقعة على مسافة 42 ميلاً أسفل "سان يسيدرو" وعلى طريق رئيس في كاليفورنيا المتجه من الشمال للجنوب في تلك البقعة الموجودة على مفرق طرق ظل يسمى "ريبيل كورنرز" لفترة تقرب من ثمانين عاماً.
ومن هذا المفرق يتفرع طريق فرعي إقليمي إلى أن يلتقي بعد 49 ميلاً مع طريق رئيسي آخر يتجه من الشمال إلى الجنوب ويربط بين سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس مارا بهوليود بالطبع، فكان من يرغب في الذهاب من الوادي في الداخل إلى الساحل في هذا الجزء من الولاية يضطر لأن يسلك هذا الطريق الذي يبدأ من ريبيل كورنرز ويتعرج مخترقاً تلألأ وجزءاً صغيراً من الصحراء وماراً بأراضي زراعية وجبال إلى أن يصل أخيراً إلى الطريق الرئيسي الساحلي في منتصف مدينة "سان جوان دي لاكروز" تماماً.
هو ذا مسرح أحداث تلك الحكايات التي تمثل شخصياتها ركاب هذا الأوتوبيس، وشخصياتها المحورية جوان شيكوي وزوجته اللذان حصلا على ترخيص بتسيير خط للنقل العام بين ريبيل كورنرز وسان جوان دي لاكروز تماماً، هذا المكان الذي وبعد أن كان كراج ومضخات بنزين، تحول إلى دكان، مطعم - كراج ومحطة خدمة سيارات بالإضافة إلى محطة أوتوبيس أيضاً الذي نسجت فيه وحوله حكايات هذه الرواية. إقرأ المزيد