من جرجرة إلى الكرمل ؛ تجربة عائلة عبد الرحمن مغربي في الهجرة والهوية
(0)    
المرتبة: 224,644
تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار الكتاب العزيز
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة الناشر:كتاب "من جرجرة إلى الكرمل" ليس سيرة ذاتيّة خالصة، بل هو كتاب يقدّم التاريخ بأسلوب القصّة، ليجمع العام بالخاص، في توليفة ممتعة تجمع بين المادّة العلميّة والصياغة الأدبية.
عندما تسلّمت كتاب الدكتور عبد الله مغربي "من جرجرة إلى الكرمل" والذي يتناول فيه سيرة عائلته ورحلتها أو اغترابها من جرجرة في الجزائر ...إلى الكرمل في فلسطين، تساءلت عن أهميّة إصدار كتاب يتناول سيرة شخصيّة، أو عائليّة، لم يُعرف عن صاحبها، حب الظهور، أو الرغبة في التباهي.
لكن ما أن بدأت بقراءة المقدّمة، حتى وجدت نفسي في عالم من السّرد الرّوائي، الغني بالمعلومات، والشّواهد، تسجّل عبر تحليل سياسي واجتماعي واقتصاي، تاريخ الهجرات المغاربيّة وخاصّة الجزائريّة إلى بلاد الشّام، الأمر الذي بدد الاتطباع بأنّنا أمام، موضوع خاص وهموم ذاتية، لنجد أن القضيّة العامّة كانت بارزة في كلّ ثنايا الكتاب وفي كلّ فصوله وأبوابه.
وكباحث يعتمد المنهج العلمي، يرصد الدكتور عبد الله صلاح المغربي الذي يعمل منذ سنوات مستشاراً في مجال البحث والدّراسات في أبو ظبي، بالوثائق، حقبة منسيّة من تاريخ العلاقات بين مشرق الوطن العربيّ ومغربه، مسلّطاً الضوء على ظروف هجرة مجموعات من المهاجرين المغاربة، منهم الجزائريّين إلى المشرق العربيّ، وبالتحديد لفلسطين، هرباً من ظلم المُستعمِر الفرنسيّ، كما يتناول من خلال وقائع وذكريات موثّقة، الصعوبات التي اعترضت إندماجهم في أوطانهم الجديدة.
وقد خرج الكتاب عن إطار السّيرة الذاتيّة البحتة، ليتناول البيئة السّياسيّة والاجتماعيّة، التي أحاطت بتجربة عائلة المؤلّف، والمعاناة التي لحقت بهم، سواء خلال الهجرة من موطنهم الأصلي في الجزائر، أو هجرتهم الثانية من فلسطين إلى لبنان بعد عام 1948، الذي شهد قيام الكيان الإسرائيليّ في فلسطين.
ومع أنّ الكتاب مليء بالشّواهد العلميّة والوثائق التي تتناول تلك الفترة، إلّا أنّ المؤلّف إعتمد أسلوب السّرد القصصيّ، الذي دمج بين العام والخاصّ. فهو عندما يتتبّع جذور العائلة في الجزائر يتطرّق إلى مراحل الهجرة المغاربيّة إلى بلاد الشّام في القرن الثامن عشر إبان الحكم العثماني، قبل أن ينتقل إلى تتبّع هذه الهجرات في المرحلة التي وقعت فيها الجزائر تحت الانتداب والاحتلال الاستيطاني الفرنسي، وكيف ساعد وجود المناضل الجزائري الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق، بعد قمع ثورته من قبل الفرنسيّين، عشرات العائلات الجزائريّة للقدوم إلى بلاد الشّام بحيث قدرت أعدادهم مع نهاية القرن التاسع عشر بأكثر من 28 ألف نسمة.
كما يتناول هذا الكتاب بعد ذلك توزع المهاجرين الجزائريّين في القرى والبلدات الفلسطينيّة، مفصلاً أسماء العوائل التي سكنت في كلّ قرية من هذه القرى، ومعطياً نبذة عن الطبيعة الجغرافيّة والاجتماعيّة لتلك القرى.
ويقدّم الكتاب بعد ذلك شرحاً للدور الذي لعبته العائلات الجزائريّة التي استوطنت فلسطين في مقاومة الاحتلال الصّهيوني، ودوافعهم للانخراط في أعمال المقاومة. ويشير هذا الصّدد إلى أن العائلات الجزائريّة التي استوطنت فلسطين كانت مستهدفة من قبل الصّهاينة، حيث عملت المنظّمات اليهوديّة بالترغيب والترهيب على الاستيلاء على أملاكهم. كما تناول الكتاب الدور الذي لعبه الجزائريّون في حرب 1948 معدّداً أسماء بعض الشّخصيات والرّموز الوطنيّة التي كان لها اسهامات بارزة في هذا المجال.
وبعد أن انتهى المؤلّف من الإطار العام لهجرة الجزائريين والمغاربة عموماً إلى بلاد الشّام وفلسطين تحديداً، يبدأ في سرد قصّة هجرة عائلته التي بدأت بوصول جدّه إلى بلاد الشّام. ويمهّد لذلك بالحديث عن الظروف التي دفعت العائلة للهجرة والجذور القبليّة والعائليّة للأسرة.
ويواكب المؤلّف بعد ذلك رحلة العائلة في بلاد الاغتراب إلى أن استقرّ بعضهم في صيدا في لبنان، حيث يشير إلى التمييز الذي تعرّض له الجزائريون على يد الإنتداب البريطانيّ في فلسطين، حيث حُرم المهاجرون الجزائريّون من الجنسيّة الفلسطينيّة بالرغم أنّهم كانوا من النّاحية القانونيّة رعايا للدولة العثمانيّة، ويحقّ لهم الحصول على جنسيّة الدولة التي كانت جزءاً من الامبراطوريّة العثمانيّة، لكن الانتداب ولتسهيل الاستيطان الصّهيوني في فلسطين عمل على حرمان الجزائريين من الجنسيّة الفلسطينيّة.
كما يتناول المؤلّف الصّعوبات التي عانى منها المهاجرون الجزائريّون لاستعادة جنسيّتهم الجزائريّة بعد سقوط الدولة العثمانيّة، وكيف عرقلت البعثات الدبلوماسيّة الفرنسيّة مساعي العديد من أولئك المهاجرين لأسباب واهية. وقد نشر المؤلّف بعض الوثائق والأوراق العائليّة التي لم تشفع لهم استعادة جنسيّاتهم المفقودة.
ويختم المؤلّف كتابه بشرح الجوانب القانونيّة التي تتناول حقوق المهاجرين الجزائريّين الذين يعيشون في بلاد الاغتراب بدون جنسيّة، وضرورة العمل على ارجاع حقوقهم السّياسيّة والمدنيّة.
كتاب الدكتور عبد الله مغربي الجديد يتميّز بأسلوب قصصي، وبين دفّتيه معلومات ثريّة، ووثائق، تجعل الكتاب يجمع بين متعة الرواية، وأمانة البحث العلمي. مما يجعله إضافة هامّة لكل مكتبة عربيّة، ونموذج لكتابة السّيرة الذاتيّة والعائليّة بأمانة علميّة، وصاغة فنيّة ممتعة.
البيان – أبو ظبي إقرأ المزيد