أبحاث في التاريخ السياسي والاجتماعي للموحدين الدروز
(0)    
المرتبة: 23,281
تاريخ النشر: 06/11/2014
الناشر: خاص-عباس أبو صالح
نبذة نيل وفرات:في عودة إلى التاريخ السياسي للموحدين الدروز في العصر الوسيط أو إلى العصر الذي أصبح فيه الدروز أصحاب مذهب ديني خاص بهم؛ بل عودة إلى أول دور سياسي قام به الدروز، يجد الباحث أن ذلك الدور الذي قام به أسلاف الموحدين الدروز التنوخيون اللخميون منذ الفتح الإسلامي لبلاد الشام، ...أي قبل دعوة التوحيد الدرزية بعدة قرون.
ويذكر الأشرفاني أحد علماء التوحيد، أن قسماً من تنوخ جاء إلى لبنان منذ الفتح الإسلامي، وقسمٌ آخر ساهم بعملية الفتح الإسلامي لبلاد الشام إلى جانب قادة الفتح الكبار كخالد ابن الوليد، وأبي عبيدة بن الجراح، واستقر هذا الفرع التنوخي في معرّة النعمان مكافأة له على جهاده ضد البيزنطيين.
ويأتي العصر العباسي فينحاز التنوخيون للثورة العباسية، ويكلفهم الخليفة أبو جعفر المنصور بمهمة عسكرية في لبنان، وهي مهمة التصدي لغزوات البيزنطيين وأعوانهم في المنطقة الوسطى من لبنان، وهكذا رحلت بقية العشائر اللخمية التنوخية إلى لبنان ونزلت في الأماكن الجبلية الإستراتيجية المطلبة على الشاطئ والممتدة من مصب نهر الكلب شمالاً حتى مصب نهر الأولي جنوباً.
وقد ظهر من خلال هذه المهمة العسكرية أول دور سياسي لأسلاف الموحدين الدروز وهو دور عسكري بالدرجة الأولى، والمعارك التي جرت بين هذه العشائر الدرزية الاولى والمودة كمعركة نهر الموت ومعركة إنطلياس وغيرها، برهنت على قدرة أسلاف الموحدين الدروز على القيام بهذه المهمة.
غير أن الدور العسكري أعطى أسلاف الموحدين الدروز دوراً سياسياً، لم يقم بمثله أي من أقرانهم في بلاد الشام؛ كان هذا الدور السياسي يتعاظم أمام طموح الدروز وكفاءاتهم القتالية، فإذا بدورهم العسكري يتعدى حدود مناطقهم وجوارها ليشتركوا في القتال إلى جانب هذا الخليفة أو ذاك السلطان خارج مناطقهم.
رافق الأمير مسعود الأرسلاني التنوخي مثلاً مع فرسانه الخليفة المأمون إلى مصر واشترك معه في حربه ضد الأقباط، وبسبب كفاءة الدروز وتمرسهم في القتال كافأهم المأمون سياسياً فأضاف إلى ولايتهم التقليدية في الغرب ولاية صيدا ومقاطعة صفد...
إذن كان الدور السياسي للموحدين الدروز يقاس بمقدرتهم العسكرية، ولم يطرأ أي تعديل مهم على هذا الدور بعدما أصبحوا جماعة مميزة من حيث العقيدة الدينية في القرن الحادي عشر...
وهكذا يتابع المؤرخ عباس أبي صالح دراساته التاريخية والتي جاءت ضمن أربعة عشر بحثاً التي تدور حول محور رئيسي واحد: الدور السياسي والعسكري الحاسم الذي اضطلع به الموحدون الدروز لحماية الثغور العربية والإسلامية في مواجهة الغزوات الخارجية، ثم دورهم في حماية إستقلال الكيان اللبناني في مواجهة حملات إبراهيم باشا مرّة والعثمانيين مرة أخرى، وأخيراً دورهم الوطني والقومي وصيانتهم لوحدة الجبل، ولبنان في تنوعه وغناه الديني، والثقافي عموماً.
وإلى هذا، فإن الجديد الذي سيجده القارئ في الكثير من مباحث الكتاب هو نظرته الغائية إلى كشوفات علم التاريخ ومباحثه، وبخاصة في الفترة الحرجة هذه التي يحياها وطنه وأبناؤه، حيث تمزق تاريخهم الواحد الجامع إلى تواريخ فئوية تزيد من إنقسامات المجتمع اللبناني بدل السعي إلى بلسمة جراحه.
وأخيراً يمكن القول بأن الكتاب في مادته ومنهجه إنما يمثل عملاً علمياً موضوعياً من جهة أولى، كما يخدم، من جهة ثانية، الأهداف الوطنية المشتركة للمجتمع اللبناني، وفي لحظته المعاصرة على وجه التمديد.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العمل للدكتور عباس أبو صالح هو عمل جديد له، وهو المنشور بعد ثلاث سنوات من رحيله، والذي بذلت فيه أسرته، وبخاصة زوجته، جهداً في جميع الوثائق المنشورة في هذا الكتاب وتأمين سبل وصولها إلى القارئ الذي عرف الدكتور أبي صالح في أعمالٍ سابقة بالغة الأهمية، هذا ويعدّ العمل الجديد هذا حلقة إضافية في السلسلة نفسها. إقرأ المزيد