الفلسفة السياسية كشف لما هو كائن ؛ وخوض في ما ينبغي للعيش معاً
(0)    
المرتبة: 178,167
تاريخ النشر: 16/10/2014
الناشر: دار الروافد الثقافية
نبذة نيل وفرات:إذا كانت الفلسفة السياسية هي البحث التأملي الذي يسعى لتحليل وفهم المبادئ أو العناصر الأولية التي يقوم عليه النشاط السياسي العملي، فإنه، وبالتأكيد، لن يكون بالإمكان صنع، بذلك، الفصل بين النظرية والممارسة في الفلسفة السياسية (بمختلف نتاجاتها)، وحتى تلك التي سُميّت بالمثالية فإنما هي ردة فعل بالضد مما هو ...قائم من التردي أو الضياع أو الإنهيار للفعل السياسي وذلك يلزم أن تكون الفلسفة السياسية آخذة بالحسبان، دوماً، تساؤلات، من قبيل: ما الواقع؟ وما يجب أن يكون عليه؟.
وهنا تدخل المعيارية أو البحث عن القيمة للممارسة السياسية، أو لمثالها، وتخوم كمالها، وذلك ما سعى إليه الباحث في كتابه هذا الذي إنما يمثل في جانب من جوانبه محاولة لكشف هذا الجدل بين الواقع السياسي "الممارسة" والمثال السياسي "النظرية، ومن ثم البحث في كليهما، وإختبار أحدهما على الآخر، مع التركيز على الجانب النظري وعرضه لتساؤل: هل هو ما ينبغي حقاً للعيش معاً؟.
فالطريقة الفلسفية، وإلى هذا، تقوم لدراسة السياسة على إفتراض وجود ما هو مثالي، أو قيمة عليا، ومن ثم تستخلص منها العلاقة بطبيعة الواقع، من خلال الخوض في طبيعة الدول، ووظيفتها، وغرضها، ونظم الحكم فيها، وطرق نشوئها وإنهيارها، ولذلك فهي تعمل على إيجاد إتساق بين النظرية والحقيقة التاريخية والحياة السياسية، وذلك يعني مرونة الفلسفة السياسية على الرغم من أطرها الكلية في التفسير للواقعة السياسية، ويعني هذا أنها يمكن ان تتبدل؛ لأنها تتعلق بعامل متغير: وهو واقع الدولة، والسلطة السياسية.
وكذلك يمكن أن تكون الفلسفة السياسية، في حال عدها نظرية للنظام السياسي (بغض النظر عن مصداق تطبيقها بصدق)، مرادفة لمفهوم الأيديولوجيا أو النظام الفكري السياسي المعتمد لدى السلطة الحاكمة، وهنا تفهم بالضد من علم السياسية، وهذه الضدية ناشئة من المقارنة القائمة بين: ما هو علم وما هو فلسفة.
كما أن الفلسفة السياسية يمكنها أن تُمَيّز عن الفكر السياسي، في أن الأخير يتزامن مع حياة سياسية معينة، ورجالات معينة، وتلتقي الفلسفة السياسية في الكثير من الأحيان مع النظرية السياسية، أو تعمل مرادفة لها، فهي ناشئة عن أسئلة مستمرة عبر الزمن في المسألة السياسية، فالمنظرون السياسيون يعملون على بناء سيناريوهات متكاملة تهدف إلى إبراز عوائق الفعل السياسي، وما يجب فعله لمواجهة تلك العوائق مع الأخذ بالحسبان مثال موضوع المسألة السياسية، كما في مثال العدالة أو الحقوق أو النظام الأصلح، وهنالك من يحدد فرقاً بين الإثنين: فالنظرية السياسية هي التجريد والتأمل النظري في السياسة، بينما من شروط الفلسفة السياسية معرفة طبيعية الأشياء السياسية، وفي الوقت نفسه تحاول التعرف على ملامح النظام الفاضل، وهذا الطموح نحو الفاضل لا ينشأ من الرغبة المجردة بالتأمل النظري؛ وإنما يكون نتيجة لضرورات عمليةٍ وملحةٍ قد تتعلق بسوء الواقع والطموح لما يتجاوزه.
وبقدر تعلق "المطلب المثالي" بالفلسفة السياسية، فثمة أساس لفعل الفلسفة السياسية، منهجياً، وهو النقد؛ فالأداة التي تكفل معنى التفلسف هي النقد، وتعمل الفلسفة السياسية؛ وفي هذا السياق، على تقويم التنظيم الإجتماعي - من جهة إعتباره منطلقاً للممارسة السياسية، ولا سيما السلوك الحكومي - من جهة إعتباره منطلقاً للممارسة السياسية، ولا سيما السلوك الحكومي، وكل ذلك بحسّ أخلاقيّ، مضمر أو معلن (أي غايات أخلاقية)، لكنها تدرس أيضاً الحقائق المتعلقة بذلك التنظيم، وذلك يضمن جانبين: الوصفي والأخلاقيّ.
وهناك أربعة أدوار الفلسفة: 1-الدور العمليّ، 2-الدور التوجيهي، 3-دور التسوية، 4-الدور اليوتوبي الواقعي، وهذه الأدوار تشكل رؤية ملخصة وشبه شاملة كما تحاول الفلسفة السياسية الحكاية فيه.
من هنا، سيكون هذا الكتاب مراجعة لتحقق هذه الأدوار في أطروحات تاريخها، أي في ما أنجزه الفلاسفة من رؤية في السياسة، بحثاً وتحليلاً ونقداً وتأويلاً، وسيحاول الباحث، ومن خلال ذلك، سبر أغوار التحولات التي رافقت هذه المسيرة، فأنتجت نظريات سياسية تقليدية وتبريرية أو ثائرة وتغييرية، من الفكر الشرقي القديم إلى الفلسفة المعاصرة، وفق متطلبات منهجية وأولويات معرفية. إقرأ المزيد