دراسات في الفلسفة الإسلامية
(0)    
المرتبة: 50,808
تاريخ النشر: 19/09/2014
الناشر: دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لم يكن للعرب قبل الإسلام ما يمكن أن يُطلق عليه المرء فكراً فلسفياً، فقد كانت لهم نظرات فلسفية متناثرة فيما خلفوه من نثر وشعر، ولكنها كانت من فلتات الطبع وخطرات الفكر كما يقول الشهرستاني (479هـ - 548هـ) فلم يكن لديهم إهتمام بالتعليل أو محاربة التقليد والخرافات أو البحث عن ...العلاقة بين المقدمات والنتائج فيما كان منتشراً لديهم من آراء وأقاصيص، لقد كانت لديهم معارف فلكية وطبيعية متصلة بمعارف الكلوانيين والصائبة، ومعارف طبية تجربية... وأساطير... وأمثال وحكم تدل على منازعهم العقلية، وشعر في الزهد تغلب عليه العناصر الخلقية والروحية، ولكن ذلك لا يؤهل مذاهب فلسفية كاملة؛ لأن التفكير الفلسفي لم يبدأ عندهم إلا بعد ظهور الإسلام.
فقد بعث الإسلام فيهم حياة جديدة، ونقلهم إلى أفق فسيح من العلم والمعرفة، فأقاموا صرح دولة عظمى تمتد من أقصى الصين شرقاً إلى أقصى الأندلس غرباً، وأنشأوا حضارة زاهرة كانت من أطول الحضارات عمراً في التاريخ، وفي هذا المناخ الفكري ازدهرت العلوم والمعارف على إختلاف أنواعها، وأسهم المسلمون في الجهود الفلسفية وأصبحت لهم فلسفة تحمل طابعهم وتميزهم عن غيرهم، ولم يكن ذلك كله يمكن أن يحدث إلا إذا كانت تعاليم الإسلام تشتمل على العناصر الأساسية لهذا التحول العظيم.
من هنا، يأتي هذا المجلد الذي يتضمن بحوثاً تُعنى بقضية أساسية هي قضية العقل في الإسلام بصفة عامة وفي الفلسفة الإسلامية بصفة خاصة، هذا وإن إهتمام الباحث يرجع، وكما يذكر، إلى طبيعة هذه الفلسفة، فقد كانت قضية الصلة بين العقل والدين أبرز قضايا الفلسفة الإسلامية، بل هي كانت القضية الرئيسية التي سيطرت على فكر فلاسفة الإسلام الذين حرصوا على إزالة أي تتاقضى بين العقل والدين، الأمر الذي جعل فريقاً من الباحثين يذهب إلى وصف هذه الفلسفة بأنها فلسفة توفيقية، بمعنى أنها تنمو نحو التوفيق بين العقل والدين.
وبالعودة فقد اشتمل هذا المجلد على بابين، تضمن الأول منهما بعض المقدمات العامة التي جاءت بمثابة بحوث يجمعها موضوع واحد وهو موضوع الفلسفة الإسلامية بمعناها الواسع، وقد دارت هذه البحوث على المحاور التالية: 1-دور الإسلام في تطور الفكر الإسلامي، 2-الإسلام منهجية شاملة في تناول المعرفة، 3-حول مفهوم التصدق الإسلامي، 4-القيم الخلقية في الفكر الإسلامي، 5-هوامش على صلة الفلسفة الإسلامية بالفلسفة الأوروبية، أما الباب الثاني، وهو الباب الرئيسي في هذا المجلد، فقد اشتمل على كتاب للمؤلف كان قد صدر تحت عنوان: "المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت" والذي صدرت طبعته الأولى عن مكتبة الأنجلو المصرية عام 1973، وتم نشره فيما بعد أكثر من مرة كان آخرها الطبعة الرابعة بدار المعارف بالقاهرة عام 1997م.
هذا ولا تزال قضية الصلة بين العقل والدين قضية مطروحة على المساحة الفكرية، ومنهجها على وجهها الصحيح يشكل عاملاً فعالاً في إنطلاقة حضارية جديدة تعيد إلى الأذهان تلك الإنطلاقة الحضارية التي شهدها تاريخ المسلمين في القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين).
ويقول المؤلف أنه ومن هنا أراد بما نشره من بحوث ودراسات في هذا المجال الإسهام، وبجانب العرض الأكاديمي لهذه القضية، في المناقشات الدائرة حولها على الساحة الفكرية العامة بهدف الوصول إلى وضوح فكري يزيل ما علق بالأذهان من سوء فهم لصلة الإسلام بالعقل الإنساني. إقرأ المزيد