شركة المساهمة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي ( تأسيس - إجراءات - نشاط )
(0)    
المرتبة: 125,827
تاريخ النشر: 12/01/2012
الناشر: دار النفائس للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:نظراً لتجدد هذه الحياة وتطورها، وتغير المجتمعات حسب الأفكار والعادات والأمكنة والأزمنة، فإن الإسلام كان يحرص دائماً على أن يصبغ المسلمين بصبغته، وأن يظل هو المسيطر على شؤون الناس، والمرجع في كل زمان ومكان.
فالمسلمون اليوم إلى يومنا هذا يستلهمون منه الرأي فيما يجدّ من المسائل، ويستنبطون منه الأحكام للحوادث ...النازلة، ويتصرفون طريقته في معالجة مشكلات الحياة، معتمدين في ذلك على الكتاب والسنة والإجماع والقياس؛ لإستنباط الحكم الشرعي لكل جديد من المسائل والمشكلات.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس الأحكام المتعلقة بشؤونهم عن طريق الوحي المتلو (القرآن الكريم) وغير المتلو (السنّة الشريفة)، وبذلك وضعت في حياته صلى الله عليه وسلم القواعد الكلية، وأنشئت الأحكام وتم بيان مجملها، وقُيِّد مطلقها، وخُصِّص عامها، ونسخ الله تعالى ما شاء أن ينسخ، ونُصَّ على علة ما شُرِّعَ جزئياً ليأخذ حكم الكلي، ليتمكن من جاء بعد إنقطاع الوحي من تطبيق ذلك الحكم على ما يحدث من قبيل ذلك الجزئي في كل زمن وفي جميع الأحوال.
وبإلتحاق الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، واجه المسلمون مشكلات متعددة، واتسع نطاق الحياة، ووقفوا على نُظم مختلفة، وجدنيات متعددة للأمم والشعوب المختلفة، فاستطاعوا أن يميزوا بين ما يجب أخذه، وما ينبغي نبذُه، فما تناقض مع أحكام الإسلام تركوه، وأقاموا على الناس الحجة، وما توافق وأحكام هذا الدين أجازوه وأصّلوا له؛ حتى وإن لم يرد دليل شرعي على جوازه.
واستطاع المسلمون أن يجدوا لكل نازلة حكماً، ولكل مشكلة حلاًّ، وأن يواجهوا ما عند الأمم من أنظمة وأعراف وتقدم علمي، وأن ينظروا بإنعام علمي نظرة سليمة في معاملاتهم وعقودهم، وأن يزنوها بميزان الله الذي لا يضل، وبينوا فيها حكم الإسلام، فتكونت من ذلك الثروة الفقهية التي يستهدي بها المسلمون في حاضرهم لمواجهة مستقبلهم مما جدّ من المسائل، وما استحدث من العقود والمعاملات التي تحتاج إلى تحقيق ونظر؛ ولا سيما وأن الغرب قد سبق في مضمار العلم والصناعة والإقتصاد، ونهض نهضته التي أدت إلى إتساعٍ في المعاملات، وقيام أنواع شتى من المشروعات اتخذت أشكالاً شتى من العقود والمعاملات المالية.
فلا شك أن هذا العصر حفل بأشكال وأعمال ومؤسسات جديدة في ميدان الإقتصاد والمال لم يكن أسلافنا من المسلمين الأوائل عهد بها؛ وذلك كالشركات الحديثة، والتأمين بأنواعه، والبنوك بأنواعها المختلفة.
هذا وقد تأثر العالم الإسلامي بنهضة الغرب، ونشأ عند المسلمين معاملات مالية جديدة، واستحدثت مشاريع كانت بحاجة إلى أموال ضخمة لا يستطيع أن يقوم بها فرد وأفراد قلائل إلا بإنشاء أنظمة جديدة كالشركات، فنشأ من ذلك قواعد ونظم للشركات، واعتبرت تلك الشركات أشخاص معنوية لها ذمة مستقلة؛ سواء كانت هذه الشركات تقوم على المال أو على الأشخاص، أو على المال والأشخاص.
ومن بين أنماط تلك الشركات المستحدثة: شركة المساهمة التي سيتم بحثها بالتفصيل في هذه الدراسة التي كانت في الأصل رسالة قدمها الباحث إستكمالاً لنيل درجة الماجيستير في الفقه المقارن، وقد أصبح من واجب المسلمين أن يعملوا على دراسة هذه الشركات الوافدة، والنظم المستوردة ويتعرّفوا على القوانين الأساسية التي تحكمها، والتي نشأت من تراكم الاعراف السائدة، وليقوموا بعرضها على قواعد التشريع الإسلامي لضبطها.
وعليه، فإن هذه الرسالة إنما هي عبارة عن دراسة علمية في القانون الوضعي والفقه الإسلامي للشركات عامة؛ ولشركة المساهمة خاصة، وبما أن هذه الشركة قانونية؛ فلن يكون هناك من داعٍ لإجراء دراسة مقارنة، إذ أن موضوع هذا البحث هو جديد، ولم يكن معروفاً في زمن التنزيل أو التدوين الفقهي، وإنما أراد الباحث أن يكون بحثه هذا محكمات إلى الشريعة الإسلامية، لذا عمد إلى ذكر ما ورد لدى الفقهاء القدامى والمحدثين في كل معاملة تدور في مثل هذا النوع من الشركات.
لذا، وقع اختياره على عنوان بحثه هذا وهو: "شركة المساهمة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي" مقدماً لفظ القانون على الفقه لأسباب أهمها: حداثة هذا النوع من الشركات، إذ لم يكن معهوداً لدى فقهاء الإسلام، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فقد كان القانون سبّاقاً في تنظيم هذه الشركة، لذا كان إعتماد الباحث عليه في رسالته هذه، محاولاً تأصيله إلى الشريعة الإسلامية. إقرأ المزيد