تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار النفائس للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:إذا أنت فقهت حديث الله تعالى عن نفسه تكون قد عرفت الله بالله، وكنت على السداد والصواب، وسرت على الصراط المستقيم، وخلصت من الجهل والشرك، وانحزت إلى زمرة الإيمان، وكنت بالله عارفاً، ولدينه متابعاً، ولم يك حاجة إلى مقولات الفلاسفة، ولا إلى الدين المرحف الذي عليه المغضوب عليهم والضالون، ...ولا إلى النظريات التي يرددها علماء الغرب، ولو كان فيما يعلمه هؤلاء وكفاية لما أرسل الله تعالى رسله ولا أنزل الكتب، وفي يوم القيامة لا يسأل ربنا عما قرره أصحاب العقول في القديم والحديث، بل يسألنا ربنا عما جاءت به نُذُر بنا... توطئة تختزل الغاية التي من أجلها كان هذا الكتاب، تلك الغاية التي تهتم بتقرير معاني الإيمان بالله عزّ وجلّ في نفوس الناس؛ إذ يرى المؤلف بأن العناية بتعريف الناس بخالقهم عزّ وجلّ من أعظم الغايات، بل هي الأساس الذي قامت عليه دعوات المرسلين، وعليه كانت أعظم النصوص القرآنية والنبوية هي التي تتحدث عن الله ربّ العالمين، وكانت أعظم النعم أن الله تعالى هدى المسلم إليه، وعرّفه به عليه، فعرفه بنور وحيه، وهذا منعنى قول من قال من أهل العلم: "عرفت ربي بربي، لولا ربي ما عرفت ربي"، أي أن الله تعالى عرّف المسلم بنفسه من خلال حديثه عن نفسه في كتابه، ولولا هذا الوحي ما عرف الله سبحانه وتعالى.
لقد انتهج المؤلف الشيخ طريقة واضحة في كتابه هذا، فكان يدور مع القرآن الكريم حيثما دار، ويبدو هنا هذا المنهج واضحاً جليَّاً في بيانه لمعاني الإيمان بالله تعالى والتعريف به، ولذلك من خلال عرضه للنصوص القرآنية التي تحدث الله تعالى بها عن نفسه، ومن ثم بيان معاني هذه النصوص تفسيراً وشرحاً، وبيان كيف عرف المسلم الله تعالى بنفسه من خلال هذه النصوص، كل ذلك بأسلوب مبسط وميسر لا تعقيد فيه، وهو ذات الأسلوب الذي تعرّف به الرعيل الأول من الصحابة على الله عزّ وجلّ، فمجّدوه وحمدوه وقدّسوه من خلال حديث الله تعالى عن نفسه، فأنعِمّ به وأكّرم من حديث عن "ملكاً له الملك كله، وله الحمد كله، أزِمَّة الأمور كلها بيده، ومصدرها منه ومردها إليه، مستوياً على سرير ملكه، لا تخفى عليها خافية في أقطار مملكته، عالماً بما في نفوس عبيده... يسمع ويرى، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق... ويقضي ويدبّر، الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها، وصاعدة إليه، لا تتحرك ذرّة إلا بإذنه".
وعلى سبيل المثال فيما تناوله المؤلف، وذلك في الموضع القرآني (2) الذي يعرفنا الله جل جلاله بذاته، وذلك في أن "الله تعالى خالقنا وخالق من قبلنا"، يقول المؤلف تحت عنوان: الآيات التي عرفنا فيها بنفسه في سورة البقرة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾... [سورة البقرة: آية 21-22]
بعد تفسيره المفردات في هذه الآيات يأتي المؤلف على شرحها فيقول: نادى الله تعالى الناس جميعاً ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾... ثم أمرهم بعبادته وحده لا شريك له ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾... فهو المستحق للعبادة دون غيره، ثم عرّفهم حلّ وعلا بالأسباب التي استحق بها العبادة دون سواه...
وبعد توضيحه للمعاني التي وردت في هذا السياق في تلك الآيات، يأتي المؤلف على بيان كيف عرفنا ربنا بنفسه في هذه الآيات فيقول: عرفّنا الله – تبارك وتعالى – بنفسه في هذه الآيات بما يأتي: 1-عرّفنا ربنا أنه تعالى وحده خالقنا وخالق الناس جميعاً من قبلنا، 2-وعرّفنا سبحانه وتعالى أنه الذي جعل لنا الأرض فراشاً لنصلح حياتنا فوقها، ولا تضيق بنا أرضها، وبنى السموات السبع فوق الأرض كالقباب العظيمات العاليات، 3-وعرّفنا ربنا أنه سبحانه هو الذي أنزل من السحب المعصرات المطر من السماء، فأحيا لنا به الأرض، وأخرجت الأرض نباتها، وجاءت بثمارها، وجعل الله تعالى فيما تنبته الأرض رزقاً لنا، يقيتنا به في حياتنا فوق هذه الأرض.
هذا الإله العظيم الكريم الذي جعل ذلك كله لنا هو الذي يستحق أن يُعْبَدُ وحده لا شريك له، وقبيح أن ننصرف عن عبادته إلى عبادة من لا يستحقّ أن يُعْبَدْ من المخلوقات المخلوقَةِ المربوبة... إقرأ المزيد