تاريخ النشر: 01/01/2007
الناشر: مركز البحوث والدراسات الإسلامية
نبذة نيل وفرات:أصبح موضوع الجبر من الموضوعات مطروقة البحث على الدوام فهو من القضايا التي شغلت المفكرين المسلمين بالجدل والتأليف ومن ثم فهي قد شغلت حيزاً كبيراً من الآثار الفكرية التي استولت على أطاريح عديدة لمرحلة الدراسات العليا ذلك أن الباحثين والدارسين اخذت تستهويهم وتجذب انتباههم هذه القضية.
وعلى الرغم ...من قدم التاريخ الذي بدأ به المفكرون والمسلمون في بحث يهذه المشكلة فإنها بقيت ولا تزال قائمة مثارة، فضلاً عن أنها اتخذت الآن أبعاداً كثيرة، واتسعت آفاق مباحثها من ذي قبل، وكل هذا الإهتمام البالغ نتيجة لتعلق هذه المشكلة بحياة الإنسان وحرياته، ولكونها تتصل بمصيره في الآخرة.
ولا شك أن لكل عقلية واقعاً مميزاً فعالاً في المجتمع وان كانت باتجاه سلبي، وقد امتدت يد العلماء إليها بالبحث والتمحيص والكشف والإبانة وكانت هذه الجهود المتضافرة تتسم بالفهم العميق لعقيدة جوهرية محضة (الجبر). وانبرى الباحثون بنية صادقة متوجهين صوب حل النزاع الفكري القائم بين الجبر والإختيار.
لقد تباينت في هذا الموضوع الآراء واضطربت، وكثر الكلام فيها بين الفرق الكلامية الإسلامية، أذ أن موضوعه متعلق بحياة الإنسان وحريته وأفعاله ومدى ارتباط الحرية والأفعال بموضوع القضاء والقدر الإلهي، ولقد انقسمت الآراء حوله، ففي مسألة خلق الأفعال مثلاً قالت إحدى كبريات الفرق الإسلامية الكلامية أن العبد لا يقدر على أحداث أفعال، أو كسب الأفعال، بل هو مجبر في أفعاله وليست له فيها إرادة او اختيار، ثم وفقت بينهما فرقة ثالثة انبثقت لحسم النزاع الفكري وتعارض الآراء فيه إلى أن العبد قادر على كسب الفعل فقط، إلا أن هذه القضية بقيت حيّة تثير الجدل والنقاش، ولم تستطع أي من المذاهب الكلامية المتناظرة في هذا الأمر حصر القول الحق لصالحها، ذلك أن القرآن الكريم لم يصرح لنا بأن الإنسان مجبور على أفعاله وانه لا اختيار له مطلقاً وأنه كالريشة في مهب الرياح (كما تقول المجبرة). ولم يصرّح أيضاً بأن للإنسان الإختيار ويعبر تارة أخرى بما يفهم أنه مختار، فلو شملت آياته على ما يفيد الجبر دون الإختيار أو بالعكس ما لزم من قصور كل مذهب فلسفي كلامي من أن يستوعب الحقيقة كاملة.
في هذا المجال، يعرض الكتاب ما وصل من مباحث هذه القضية من المتكلمين حيث سنتعرف منه على القدر الكبير من الجهد الذي بذله هؤلاء المتكلمون في الجدل والبحث حول مشكلة اختيار الإنسان أو جبره أو كسبه.
وعليه، تنصب هذه الدراسة على كيفية نشأة هذه الأفكار ومن ثم صيرورتها فرقة كلامية، وتحدث الكتاب عن آراء هذه الفرقة، بعدها انتقل إلى مشاهير الرجال في فكر الجبر، ووقف عند أهم أفكار الجبرية، وبيّن علاقة الجبر مع الفرق الكلامية المعاصرة لها، وتكلم على ابعاد فكرة الجبر وقد قسم الكتاب إلى خمسة فصول، وكل فصل يضم عدة مباحث سبقتها مقدمة عرض فيها اسباب اختيار الموضوع ومنهج البحث. إقرأ المزيد