تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: دار سعد الدين
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:غرس النعمة، مؤلف هذا الكتاب، هو أبو الحسن محمد بن هلال الصابئ، هو أول مولود على الإسلام من أسرته، كان مولده سنة 416هـ أو 417هـ، ووفاته سنة 480هـ، نشأ غرس النعمة في كنف أبيه ورعايته، وعليه تخرج في الإنشاء والكتابة والأدب، وسمع أيضاً أبا علي بن شاذان، وليس في ...كتب التراجم ذكر لغير هذين الشيخين.
وثقافة غرس النعمة مدينة لهذين ولغيرهما من شيوخ العصر في بغداد، قبل أن تكتمل له جوانب النضج في الأدب والتاريخ والكتابة، غير أن الأثر الأكبر في ثقافة غرس النعمة وتكوين شخصيته الأدبية هو لأبيه هلال، فهو الذي خرّجه ودفعه في طريق التأليف في الأدب والتاريخ.
وفي مؤلفات غرس النعمة ذكرَّ دائب لأبيه ونقول كثيرة عنه، يرويها في هالة من الإجلال والتقدير كقوله: "وحدّثني الرئيس الأجلّ أبو الحسين والدي قال..."؛ صنف غرس النعمة عدداً من الآثار بشهادة ابن خلكان، يقول: "كان غرس النعمة ذا فضائل جمّة وتآليف نافعة".
وفي كتب التراجم ذكر لثلاثة من مصنفاته، وهي: تاريخه، وكتاب الربيع، والهفوات النادرة، غير أن اليوم لا يوجد منها غير كتاب الهفوات هذا الذي تم نشره في طبعته هذه لأول مرة، بالإضافة إلى بعض الأخبار المنقولة عن مصنفاته الضائعة، والتي يجيء ذكرها في كتب متأخرة جامعة، مثل معجم الأدباء، ووفيات الأعيان، ومرآة الزمان وغيرها.
أما (كتاب التاريخ) فابن خلكان يسميه "التاريخ الكبير" ويعده "مشهوراً"، ويُنْقَلُ عنه، ويبدو أنه كان أشهر مؤلفات غرس النعمة، حتى إذا أراد بعض المؤرخين التعريف بغرس النعمة قال إنه "صاحب التاريخ"، وأما كتابه هذا "الهفوات النادرة" فهو كتاب أخبار طريفة وحكايات مسلية ونوادر ممتعة، جمع غرس النعمة شتاتها من بطون الكتب ومن أفواه المعاصرين له، ومن الأحداث المحيطة به، وهذه الأخبار والحكايات القصيرة تلتقي كلها حول موضوع أساسي وهو "الهفوات الجارية على ألسن المتحفظين المتحزّزين، والسقطاتُ الآتية من الغارّين الغافلين، وما أشبه ذلك من القالات وطريف الإتفاقات.
هذا ما أشار إليه المؤلف في مقدمة كتابه، وهو يذكر فيها أنه أضاف إلى ذلك أخبار أخرى ليست من موضوعه الأساسي، حكى فيها "أخبار المغفّلين المحظوظين والجهّال المرزوقين" لإعتقاده بأن هذه الأخبار جارية في أسلوب (الهفوات) وشبيهةٌ بمقصود الكتاب.
ولهذا يسمي غرس النعمة كتابه هذه التسمية الجامعة لموضوعه: "الهفوات النادرة من المعقّلين الملحوظين، والسَّقَطات البادرة من المغفّلين المحظوظين"، غير أن المؤلفين المتأخرين الذين نقلوا عن الكتاب اكتفوا غالباً بذكر تسمية مختصرة هي "كتاب الهفوات"، كما فعل ياقوت في معجم الأدباء، وسمّاه بعضهم "الهفوات النادرة" وهي التسمية الموجودة على جلدة النسخة (ب) من الأصول المخطوطة.
ويشير المحقق بأنه آثر هو أيضاً تسمية طبعته المحققة هذه بــ "الهفوات النادرة" تخفيفاً وإقتصاراً؛ وإن يكن التأنّق البديعي من التسمية المطولة دليلاً حيّاً على صلة الكتاب بالذوق النثري المشغوف بكثرة المحسنات، في القرن الهجري الخامس، عصر المؤلف.
أما قيمة الأخبار التي يقدمها هذا الكتاب؛ فهو كتاب أدب يضم رصيداً طيباً من الشواهد الشعرية المختارة، والأخبار فيه منقولة بأسلوب نثري راقٍ، هو أسلوب المدرسة الجاحظية بصفاته وتلويناته الصوتية المعتدلة، كما لهذا الكتاب قيمة تاريخية فهو يضم مجموعة من الأخبار والحكايات التي تروي صوراً من وقائع الأحداث ومشاهد الحياة للعصور التي تتصل بها، فهي أخبار واقعية تاريخية أو "شبه تاريخية" تعين على رصد كثير من جوانب حياة تلك العصور، وبخاصة الجانب الحضاري والعمراني منها، والجانب الإجتماعي والبيئي، وتلك أمورٌ قد لا تعين كتب التاريخ على رصدها.
إن إخبار الهفوات أخبار تاريخية، ساقها غرس النعمة بأسانيدها وأشار إلى مصادرها، وروى الأحداث بأعلامها والمصنف – كما هو معروف – مؤرخ ثقة مأمون، بشهادة أكثر من ترجموا له، فليس من المقالاة في شيء إذن أن يُعدّ كتاب "الهفوات" أثراً عباسياً نثرياً أصيلاً ذا قيمة أدبية وتاريخية كبيرة.
ونظراً لأهمية عمل المحقق على إخراجه بطبعته هذه محققاً، حيث عمل المحقق على الحفاظ على متن الكتاب بأمانة سوى إضافة لعلامات الترقيم، مستفيداً من المراجع والمظان الأخرى التي رجع إليها المحقق لتحقيق النصوص المختلفة، والأخذ منها ما يساعد على إيضاح الخبر مع الإشارة إلى الزيادة، والإشارة إلى مصدرها في الحاشية، بالإضافة إلى شرحه غريب الألفاظ، والتراكيب الصعبة، ثم ضبط الكثير من الكلمات، ثم ضبط الأبيات الشعرية والإشارة إلى بحورها، وعزوها في الحاشية إلى أصحابها ومصادره ثم إغناء الحاشية بترجمة لعدد كبير من الأعلام الواردة في الأخبار، ثم الرواة الذين وردت أسماؤهم مع إضافة بعض التعليقات على نصوص الأخبار والروايات بشكل مختصر بما ينير جوانب النص، ثم وضع فهارس عامة، وفهرس يشتمل على الألفاظ الحضارية والعمرانية والإصطلاحات الأخرى. إقرأ المزيد