نزار مروة في عوالمه الثقافية وفي دروب حياته
(0)    
المرتبة: 56,514
تاريخ النشر: 03/01/2014
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:هامة وتكون متفردة إسهامات الراحل نزار مروة النقدية الموسيقية، وهي جزء من خاصيته في كتابة المقالة التي بدأها في الخمسينات والتي لم تقف عند حدود تسجيل الإنطباع حيال الأغنية أو المقطوعة الموسيقية، بل تعدته إلى قول رأي واضح وصريح عبر إشارات تقنية عارفة وحساسة إزاء هذا العمل أو ذاك.
ندرة ...وجود النقاد الموسيقيين في لبنان جعلت من نزار مروة واحداً من قلة على هذا الصعيد، تميزه ليس من قرار؛ بل من مناخات عامة طبعت ماضيه بإهتمامات خاصة وبشروط الوصول إليها، نزار مروة مرحلة الموالدات والرافعات الموضوعية، إلى الإهتمامات الحقيقية بكل الأمور، ولأن علاقته بالموسيقى علاقة معيش ويوميات وصداقات واسعة مدونة وغير مدونة، فإن نزار مروة بقي يكتب في الموسيقى ولا يؤلف في السماع عليها.
حاز ثقة واسعة في هذه الزاوية، وهي ثقة تعززت وبانت في مجالاتها الرحبة من فرط حساسيته الخاصة على موضوعه، حتى أنه لم يراوح أمام مجموعة من الأسماء التي شكلت جيلاً في مرحلة من المراحل، بل إستطاع تطوير حضوره الشخصي بتطوير ثقافته الموسيقية بإضطراد بحيث أضحى رفيقاً دائماً للموسيقى بمعنى واحد، هو معنى أن الموسيقى ابنة موسيقيين، ابنة أجيال متعاقبة إستطاع نزار مروة إقامة صلات وصل بها بأبسط الطرق وأعقدها في آن، تلك المتمثلة بالمعرفة الفعلية فيها.
وقد تمثل هذا في سلسلة مقالاته المتواترة في الكتاب "في الموسيقى اللبنانية العربية والمسرح الغنائي اللبناني" الذي ضم مقالاته التي لم تنشر مجموعة، عبر صديقه ورفيقه محمد كروب، وقد يبدو غياب مثل هذا الكتاب في حياة نزار مروة مفهوماً، إذا ما قرأنا مساهماته كجزء من حركة ثقافية واسعة، ناهضة، بدأت تتبلور في بداية الخمسينات، وبقيت ناشطة وحيوية إلى سنوات خلت حين انقلبت الأوضاع رأساً على عقب، حتى كادت تطيح بالإنجازات لمصلحة الإستهلاك وحده... محلل هو نزار مروة ومقيم ومؤثر... رجل مستقبلي في أزمنة طبعت موسيقاها بما ضويتها حين ردد الكثيرون أن الموسيقى الحقة هي موسيقى الأوائل من دون الإنتباه إلى أن فكرة التجديد سوف تحيي الموسيقى القديمة نفسها بالقدر عينه الذي تطرح الموسيقى الجديدة بجديدها...
وإن تجميع مقالات نزار مروة في كتاب ليبين تكريماً فقط لشخصه... بل هو تكريم للفكر والثقافة والموسيقىن وقراءة مقالاته في هذا الكتاب هو عودة إلى نظام، إلى شبكة دلالات، المدهش فيها وضوحها وترفعها وصدقها، وإخلاصها، فلطالما انتقد الرجل بصدقه وكتب بإخلاصه، ذوّق وعلم، ولو اختلف المرء معه في حدود التعليم وعليها.
وأخيراً، يمكن القول بأن هذا العمل الذي يأتي إحياء لذكرى نزاره مروة ويأتي إستكمالاً للكتاب الأول الذي كان بمثابة تقديم لبعض تراثه إلى القراء... ذاك التراث في النقد الموسيقى؛ وفي هذا الكتاب الذي هو الثاني في هذا الإطار، تم نشر بعض إسهامات نزار في ميادين المعرفة، في النقد المسرحي والنقد الموسيقي والنقد الأدبي والفني بالإضافة إلى مدخل إلى سيرته التي كان كريم مروة شريكاً فيها.
وهذان الكتابات يمثلان مرجعاً مهماً لمن يريد أن يعرف من هو نزار مروة المثقف النقدي.نبذة المؤلف:هذا الكتاب قصة تعود إلى العام الأخير من القرن. كان قد مضى على غياب نزار مروة ثمانية أعوام. تداولت مع محمد دكروب في إمكانية العودة إلى تراث نزار واختيار نماذج من كتاباته في الموسيقى والنقد الأدبي والفني. وقررنا البدء بالعمل. وتطوع محمد دكروب للاهتمام بالكتاب الأول المكرّس لكتابات نزار في الموسيقى، على أن يتم الإعداد للكتاب الثاني بعد فترة. وقد صدر الكتاب الأول بعنوان "في الموسيقى اللبنانية العربية والمسرح الغنائي الرحباني" مع مقدمة لمحمد دكروب.
وإذ صعب على دكروب في الآونة الأخيرة الاهتمام بإعداد الكتاب الثاني بالطريقة الممتازة التي أعد فيها الكتاب الأول، أخذت على عاتقي الاهتمام به على طريقتي ومن دون أية خبرة عندي في هذا النوع من العمل. استعرضت ما كنا قد جمعناه من كتابات لنزار. ودخلت في قراءتها مقالاً إثر مقال في الفكر وفي الموسيقى وفي الأدب وفي الفن.
وفي الواقع فإن اختياري للمقالات هو بذاته تعبير عن وجهة نظري في تراث نزار. بمعنى أنني أخذت من تلك المقالات ما رأيت فيه تعبيراً عن شخصية نزار وعن فكره وعن الاتجاه الذي اختاره لنفسه في الفكر وفي الأدب وفي الفن. اخترت بعناية وبدقة تلك المقالات بعينها من دون سواها، ليس لأن ما أهملته منها لا يستحق الاهتمام به، بل لأن ما اخترته يشكّل في نظري التعبير الأفضل عن مواقف نزار في المواضيع التي عالجها في كتاباته.
تلك هي بأمانة قصة هذا الكتاب من أولها إلى آخرها. وأرجو أن أكون قد قمت ببعض واجب الوفاء لهذا المثقف الجميل الذي اسمه نزار مروة. وإني على ثقة بأن القارئ سيجد في هذا الكتاب المزيد مما يريد أن يعرفه عن نزار، إضافة إلى ما قدمه الكتاب الأول عنه. إقرأ المزيد