التواصل والحوار ؛ أخلاقيات النقاش في الفكر الفلسفي المعاصر
(0)    
المرتبة: 33,539
تاريخ النشر: 14/06/2013
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:إن التحولات الراهنة للتفكير اقتضت ضرورة الإنتباه إلى المعضلات الأكثر تعقيداً في المجال الإجتماعي، ولعل الهوية تكون الإحداثية التي يتمحور حولها الحراك السوسيولوجي والمجال الثقافي، خصوصاً أن الأمر يتعلق اليوم بتراجع القيم وكل ما هو أيتيقي أمام النجاعة العلمية والمردودية الإقتصادية التي تحكم السوق، إضافة إلى أن العولمة وسّعت ...من نشاطها المعرفي والتواصلي، ليحل البنيثقافي محل الخصوصية والثقافة المحلية، وهذه المعضلة تأكدت في زمننا المعاصر وأصبحت تمثل هاجساً فكرياً عند المفكرين.
من هنا، فإن ما دفع الباحث لإنجاز بحثه هذا حول التواصل والحوار: أخلاقيات النقاش، يتجسد في ذاك الأفق الفلسفي الذي ترجمته العقلانية التواصلية التي تقوم على إعادة مقتضيات وأخلاقيات النقاش؛ ويرى الباحث أن هذا له صلته بأعمال هابرماس التي تكشف عن تناظر المشكلات وتفعيل اتيقيا الحوار تجسيماً لروح العصر.
وتكمن أهمية فلسفة هابرماس أساساً في أنه رسم ملامح جديدة في تعامله مع هذا العصر إذ ضبط مدونة فلسفية ترسخ ايتيقيا التفاهم وهو ما يجعل من النقاش العمومي والمناظرات سنداً قوياً لمقاصده لترسيخ نمطٍ ترانسندتالي يستمد شرعيته من قاعدة للتفاهم، تستعيد العقلانية السياسية في طابع حقوقي يستند إلى شرعية دستورية تكون مقاصدها العليا توفير "أخلاقيات الحوار" في قضاء رمزي.
ومن هذا المنطلق، يكون لزاماً على الفيلسوف المهتم بشأن التفكير الأخلاقي والحقوقي أن ينفتح على مجمل قضايا عصره في شكل نقدي تأويلي، إذ يسهم بذلك في ترسيخ قيم كونية، تجنبنا النزعة المركزية التي تصادر بقية القيم بإسم قوى الهيمنة والنفوذ، وهو ما تجلى في المركزية الغربية أو سياسة القطب الواحد وإقصاء الأقليات العرقية والدول الفقيرة عن المشاركة الحقيقية وتفعيل قضاياها.
كما أن الهوية كما يعرضها هابرماس تعنى بالهوية التداولية والجماعية، وهي تهتم في أفقها التواصلي بالترابط اللغوي بين الذوات والتي تُختزل في أفعال الكلام التي تتصل ببنية المجتمع الذي تنتمي إليه، وبهذا يرى هابرماس أن ضرورة إنفتاح الخطاب على الكوني والكونية تستوجب مبادئ كلية بمعنى تتجاوز الخصوصية.
ضمن هذه المعطيات الفلسفية التي تسعى إلى إيجاد لغة للتواصل والحوار على ضوء أخلاقيات النقاش في الفكر الفلسفي المعاصر وتحديداً فلسفة هابرماس يطرح الباحث مقاربات فلسفية تسمح بترسيخ رؤية تفاعلية تسعى إلى بناء أخلاقيات الحوار في ظل هيمنة القطب الواحد وتنامي العولمة، وتراجع القيم الأخلاقية وهذا ما دفعه قدماً، إلى إعادة النظر في مكاسنا المعرفية، نحن العرب، على ضوء التحديات السياسية الجديدة.
ويتمثل مشكل "الحدث" بما هو الرهان الأكبر، في خلق نسيج فكري ينبني على النقد الداخلي لتراثنا، والباحث يستند في ذلك إلى حجج وبراهن تكشف عمق النظر في ما فكرت فيه الفلسفة على نحوٍ دائم، وهو ما يجعل منها لحظة نقدية وإعادة بناء لمسارات ايتقية تظل في حركة دائمة لا قرار لها. إقرأ المزيد