جدلية الإنسان والسياسة والتاريخ في فلسفة ابن باجة - دراسة في كتابه ' تدبير المتوحد '
(0)    
المرتبة: 46,947
تاريخ النشر: 01/01/2013
الناشر: عالم الكتب الحديث
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:إن بحث موضوع "السياسة والتاريخ"، يفرضه التساؤل عن التصور الفلسفي لحقيقة الوجود الموضوعي (المدني) للإنسان ومصيره (مستقبله) في المكان والزمان؛ وهذا يعني بالأساس أن فكرة "التاريخ" مرتبطة منهجياً وإبستيمولوجيا بفكرة "السياسة"، إذ إن كل حركة واعية للإنسان تتجسد في المكان، هي في ذات الوقت حركة تجري في الزمان.
وتأسيساً على هذا، ...فإن تناولنا لهذا الموضوع، يفرض علينا ربط التصور الفلسفي للتاريخ بالتصور الفلسفي لــ"السياسة المدنية" عند ابن باجة، ومحاولة تلمس الإجابة عن هذا الإنشغال من خلال فلسفته، ترتبط - في نظرنا - بهدفين: الأول، ويتمثل في إنخراط الفلسفة في الواقع، ذلك أن الممارسة النظرية للفلسفة لن تكون ذات فعالية بالنسبة للإنسان، إن هي اقتصرت على تحريك الوعي نحو تحقيق رغبة سيكولوجية، هي بالمعنى القديم لها "حب الحكمة"؛ فذلك ما يجعلها لهواً أو ترفاً فكرياً، كما يتهمها خصومها بذلك.
والواقع أن الفلسفة نظرة أصيلة للواقع ودعوة ملحة لتغييره، فيجب عليها أن تكون فلسفة عملية؛ فلسفة للفعل، ولن تكون كذلك إلا إذا كانت نتائجها النظرية على صلة وإتصال وثيق بحياة البشر وتطلعاتهم ومصائرهم، وهي بهذا المعنى الإجرائي لها تمكّن الإنسان من الفهم العميق لحياته الإجتماعية، ووعي نقائصها، وبالتالي تهيئة المناخ الفكري للتغيير المرجو، أي تحقيق حلم "المدينة الفاضلة".
ولهذا نرى في الرؤية الفلسفية "للسياسة" و"للتاريخ" الأفق العملي الذي ينزل الفلسفة من عليائها ويجعلها على تماس مع الواقع، فتتخذ من النقد آلية ومرتكزاً إلى السعي والرغبة في تغييره، فتكون بذلك فلسفة التغيير.
إنطلاقاً من هذا المعنى العملي للفلسفة، حاول ابن باجة أن يقرأ الواقع السياسي والتاريخي للمجتمع والعصر الذي عاش فيه، فطرح مشروع "الإنسان الإلهي" مؤسس "المدينة الكاملة"، بديلاً للإنسان "البهيمي" الذي أوجدته "المدن الناقصة" وتحكم التاريخ في مصيره.
وسنرى لاحقاً أن ما مكّن ابن باجة من القراءة الفلسفية لواقعه وتاريخه والتنظير لتغييره، هو الإتجاه النقدي الذي طبع فلسفته.
على ضوء هذا التحديد، فإننا نعتقد أن أهمية مقاربتنا لهذا موضوع، تكمن في وصل الحاضر بالماضي لإلتماس أسباب وجودنا والتغلب على مشكلات واقعنا والبحث، بالتالي، عن مستقبل أفضل من الماضي الذي عاشه أسلافنا، وهذا الحاضر الذي نعيشه، فراهنية الواقع الإجتماعي والتاريخي للإنسان العربي لا تعكس مستوى تطلعاته.
وأن النظام السياسي السائد عجز عن تحقيق صورة المجتمع الفاضل، والسبب هو هيمنة الإيديولوجي وإزاحته للمعرفي كإطار مرجعي له في كل عملية إصلاح وتغيير، وإذا كان التغيير لا يحصل إلا بفعل الآلة السياسية، فإننا نرى أنّ فعالية هذه الآلة وجدواها تكمن في التوجيه والترشيد الفلسفي، والتأطير المعرفي لها، ونحن من منطلق هذه المقاربة، لا نقول بإزاحة الإيديولوجي، بل نريد التأسيس للمعرفي كمرجعية له. إقرأ المزيد