نقض كتاب تثليث الوحدانية في معرفة الله - نموذج لعلم العقيدة والكلام عند مالكية الغرب الإسلامي
(0)    
المرتبة: 36,348
تاريخ النشر: 01/06/2012
الناشر: صفحات للدراسات والنشر
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:اهتم المسلمون في ظل الحضارة الإسلامية بعلوم شتى تنوعت مشاربها ومنابعها، فبرزوا في العلوم الشرعية ونبغوا في العلوم الكونية والإنسانية، ولقد دفعهم إلى ذلك دعوة القرآن الكريم إلى العلم والتعلم وحثه عليهما، وساعدتهم عليه ليونة الدين الإسلامي وسعة صدره في إحتواء كل الفعاليات الفكرية، وإستيعابه لكل الطاقات البشرية بغض ...النظر عن نزعاتها العرقية.
وقد ساهم في إغناء المعارف الإسلامية إعتراف القرآن الكريم بمختلف العقائد الدينية، وفتحه لباب الحوار معهم تحت مبدأ (لا إكراه في الدين)، فتمكن العديد من غير المسلمين من العمل في ظل الحكم الإسلامي، ومارسوا نشاطاتهم الدينية بكل حرية دون أن تكون معتقداتهم المخالفة للإسلام عائقاً يمنعهم من بلوغ المناصب الكبرى التي يرغبون في الظفر بها، بل في العكس تمكن كثير منهم بفضل مكانتهم العلمية؛ خصوصاً في الطب والترجمة، أن يحتلوا مكانة مرموقة ومناصب هامة في قصر الخلافة الإسلامية في المشرق أو المغرب.
وكان لا بد في ظل هذا التنوع العقائدي والإختلاف الفكري، من ظهور ونشأة علم من أبرز العلوم التي عرفتها الحضارة الإسلامية، وهو علم مقارنة الأديان، وإذا كان التعريف الذي يعطيه الغرب اليوم لهذا العلم هو "إتخاذ الأديان بعامة - كتابية أو وضعية - والعقائد الدينية أو الحلل والنحل موضوعاً لدراسة العلمية مناهج موضوعية لها أصولها وخصائصها وضوابطها التي اصطلح عليها أهل هذا الحقل".
فذلك بالضبط هو ما أقامه علماء مقارنة الأديان المسلمين ممثلاً في كتاباتهم، وقد سلكوا في ذلك مناهج عديدة منها: 1-المنهج التاريخي الوصفي، 2-المنهج التحليلي والمقارن، 3-المنهج النقدي، 4-المنهج التناظري الكلامي، والمصادر التي اعتمدها علماء مقارنة الأديان المسلمين عند تأليفهم لهذه الكتب العظيمة من مثل كتاب أبو العباس القرطبي الذي بين يدي القارئ أو التي لا زال الباحثون في هذا العلم في دهشة لدقة مواضيع تلك المؤلفات وموضوعية كثير منها إلى اليوم.
وقد أمكن حصر مصدرين مهمين هما: 1-القرآن الكريم، 2-الكتب المقدسة للديانات المخالفة، بالإضافة إلى مصادر أخرى من مثل: المؤلفات الفقهية لأصحاب الملل والعقائد المخالفة، كتب التاريخ إلى وضعها الملل والعقائد المخالفة للتاريخ لدياناتهم، المناظرات الكلامية والشفهية بين المسلمين ومخالفيهم.
من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب والذي يُقدَّم للقارئ المسلم عموماً، وللمهتمين بعلم الجدل والمناظرة، والردود وعلم الكلام على الخصوص، ويعدّ هذا الكتاب من الكتب النفيسة والنادرة، التي ثار حولها جدل كبير منذ عدة سنوات، فهو غنيّ من حيث موضوعاته الجدلية والكلامية والعقدية، بالإضافة إلى كونه مصدراً أساساً في كتب مقارنة الأديان، حيث يقول المؤلف في مقدمته: "أما بعد، فقد وقفت - وفقك الله على كتاب كتب به بعض المنتحلين لدين الملة النصرانية، سماه كتاب "تثليث التوحيد"، بعث به من "طليطلة"، متعرضاً فيه لدين المسلمين، نائلاً فيه من عصابة آله الموحدين، سائلاً عما لا يعنيه، ومتكلماً بما لا يدريه، فأمعنت النظر فيه، فإذا بالمتكلم يسرف بما لا يعرف، وينطق بما لا يحقق، ناقض ولم يشعر، وعمي من حيث يظن أنه يستبصر... وليته إذا ادعى النظر سلك طريقه... فاعترف بالبديهيات، ولم ينكر الضروريات التي هي أصول النظريات... فاستخرت الله تعالى في جوابه على تخليط معانيه، وتثبيج خطابه... وها أنا إن شاء الله تعالى أجاوبك على ما كتب حرفاً حرفاً، وأبين فساده، كيف لا، وقد ركّبوا من إستحالة الإتحاد والتثليث والحلول، ما يدرك فساده بضرورة العقل، وقد قالوا في الأب والإبن والأقانيم بما يمجه بفكه الأول كل ذي فهم مستقيم، ولا يتسع لقبوله قلب ذي عقل سقيم... ولتعلم يا هذا المنتسب لدين المسيح، أني أجاوبك إن شاء الله تعالى بمنطق عربي فصيح أسلك فيه مسلك الإتصاف... فأذكر كلام هذا السائل كما يلقني، وأبين من خطئه وتناقضه ما شاء الله أن يفهمني، فأناقشه في لفظه وأظهر سوء نقله وحفظه، فتارة أسأله وأخرى أجاوبه... ثم من بعد الفراغ من تتبع كلامه، أعطف بالمناظرة على أقسّته ورهبانه، فأحكي مذاهبهم كما دونوها في كتبهم، وعلى ما تلقفوها في أسانفتهم، ثم أسبوها على محك العرض، وأبين ما فيها من الفساد والنقد".
هذا وقد أجمل المؤلف في كتابه هذا، ولم يجعله مقصوراً على جواب ذاك السائل، بل هو ضمنه فصولاً من عقائدهم، وجملاً من أحكامهم، وناقشهم فيها قدر الإمكان، وقد اشتمل الكتاب على مقدمة وأربعة أبواب: الباب الأول في الكلام على الأقانيم والثاني في الإتحاد والحلول، والثالث في الكلام على البنوات وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتم تخصيص الباب الرابع للحديث عن جمل من فروع أحكامهم، وبيان أنهم ليس لهم في أحكامهم مستند إلا محض الهوى والتحكم واللدد.
وأما منهجية التحقيق فقد جاءت على النحو التالي: وضع عنوان الكتاب بإضافة عبارة "في معرفة الله" والعدول عن العنوان الأصلي للكتاب: "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه السلام"، بالإضافة إلى إعتماد نص المخطوطة المفوظة بالخزانة الملكية، مع الإشارة في الهامش إلى الإختلاف مع النص المطبوع، بالإضافة إلى تخريج الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأعلام والأماكن والأسماء والفرق والمذاهب والأشعار والنصوص التوراتية والإنجيلية الواردة في هذا الكتاب.نبذة الناشر:ليست الرغبة في تحقيق هذا الكتاب وليدة اليوم، وإنما ترجع إلى عقد من الزمان، عندما أسسنا "جمعية الإمام ابن حزم للطلبة الباحثين في مقارنة الأديان"، وكان من أهدافنا إعداد فهرسة لكتب المقارنة بين الأديان، وتكلفنا نحن بفهرسة الخزانة الملكية. وأثناء القيام بهذا العمل أثار انتباهنا مخطوطة لمؤلف مجهول تحمل عنوان: "نقض تثليث الوحدانية"، فقمنا بطلبها، فتبين أن المخطوطة هي لكتاب الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام للقرطبي، فقمنا باقتناء الكتاب وقررنا إعادة تحقيقه. ولا ندعي أن ما قمنا به تحقيق تام، فلازال ينقصه الشيء الكثير ولكن لما رأينا جهدا مُهمًّا قد بُذل في هذا العمل، لم نشأ أن نتركه يضيع، ونحرم الباحثين في هذا المجال من الإطلاع على هذه المخطوطة التي لم تعتمد في التحقيقات السابقة، ونكفيهم مشاقّ التنقل إلى الخزانة الملكية وطلبها للقراءة، فقررنا نشر هذا العمل حسب ما وصلنا إليه، آملين أن نعيد نشره مرة أخرى في طبعة منقحة مفيدة بإذن الله تعالى. إقرأ المزيد