أبو ثور بين التمذهب والاجتهاد
(0)    
المرتبة: 281,466
تاريخ النشر: 15/05/2012
الناشر: مؤسسة الضحى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:يعد الفقه واحداً من أجل العلوم الشرعية وأشرفها وأرفعها، فهو واسعة العقد بين علمي الحديث والتوحيد وغيرها من العلوم الشرعية الإسلامية، فكان الإشتغال به من أجل العبادات، وذلك لما له من منزلة عالية ومقاصد سامية، ولحاجة الناس إليه في دنياهم وآخرتهم، فهو جهد عقلي متراكم متنامٍ، وحلقة موصولة، وإستنباط ...من كتاب الله تعالى، وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم، فيما يختص بأمور الدنيا والآخرة.
من هنا، كان غنى التراث الفقهي بالفقهاء الذين رسموا لأنفسهم منهجاً خاصاً بهم، وطريقاً مستقلاً في الفهم والإستنباط من غير الأئمة الأربعة المشهورين، غير أن الإهتمام العلماء من أرباب المذاهب بآراء شيوخهم، وذلك عن طريق نشرها وتدوينها، والعناية بتقييد مطلعها، وتخصيص عامها، بخلاف غيرهم، فإنه نقلت عنهم الفتاوى مجردة عن الدليل الذي بنوا عليه فتاويهم، وهو الذي قلل من الإهتمام بها وساهم في ندثارها؛ بل لقد جزم البعض بوجوب هجرها وعدم جواز تقليدها، غير أن هذا كله لم ينقص من مكانة هؤلاء الأئمة من الفتيا والإجتهاد، وبقي إجلالهم بوصفهم رواة موثوقين.
وتجدر الإشارة إلى أن السواد الأعظم من أولئك العلماء، كان سابقاً للأئمة الأربعة، أو معاصراً لهم، أما من جاء بعدهم فلا يمكن إلا أن ينسب إلى مدرسة من تلك المدارس، وإجتهاد أحد هؤلاء لا يعدوا إلا أن يكون تخريجاً على أقوال الأئمة الأربعة، وإستنباطاً من أصولهم العامة، أو تفريعاتهم الخاصة إلا ما ندر كإبن تيمية وغيره.
وقد اتفق جلّ العلماء على إمامة أحمد بن حنبل في الفقه وإستقلاليته في الإجتهاد، مع كونه أحد تلامذة الإمام الشافعي، وأحد نقلة مذهبه القديم، وهو الذي دعا إلى الإختلاف حول أبي ثور، فبعضهم جعله صاحب وجه في المذهب الشافعي، كأبي القاسم الأنماطي، وابن سريج، والجمهور من الشافعية وغيرهم على إعتباره صاحب مذهب مستقل، قال الرافعي، وهو أحد أئمة الشافعية: "أبو ثور، وإن كان معدوداً وداخلاً في طبقة الشافعي، فله مذهب مستقل لا يعد تفرده وجهاً".
من هنا، برزت الحاجة إلى مزيد من الدراسة والبيان في ما يتعلق بأبي ثور لبيان فيما إذا كان هذا الإمام صاحب مذهب أم مجتهد فكان ذلك هو الموضوع الذي اختاره الباحث كموضوع للرسالة التي تقدم بها لنيل درجة الماجيستير.
لذا جاءت الرسالة ع لى شكل بحث تقييمي فقهي للإمام أبي ثور، في محاولة لإستجلاء هذه الشخصية العلمية الكبيرة، من خلال دراسة لخصائص فقه الإمام أبي ثور وميزاته والنظر في فقهه ومقارنته بغيره من الأئمة، ثم دراسة لأصول الإمام أبي ثور وبيان أثرهما في آرائه وفروعه الفقهيه مع بيان من خالفه أو وافقه في ذلك، وإستخلاص الآراء التي انفرد بها الإمام أبو ثور عن غيره من العلماء، دون إغفال دراسة للحياة العلمية والإجتماعية والسياسة في عصر أبي ثور وآثار ذلك على شخصية هذا الإمام وعلى نشأته العلمية. إقرأ المزيد