قضايا عربية معاصرة القومية والوحدة - الثورات - أزمات الأنظمة الصراع العربي الإسرائيلي ومفاوضاته
(0)    
المرتبة: 96,909
تاريخ النشر: 06/02/2012
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
نبذة نيل وفرات:يمثل القرن التاسع عشر بروز "القومية العربية"، بالمعنى الحديث لمصطلح "القومية"، أي المعرفة والشعور والحركة بين جماعة من الناس، بأنهم أمة متميزة ومختلفة عن غيرها من الأمم، والمعرفة والشعور والحركة هي عناصر "ذاتية"، فإن كان العرب قد اكتسبوا كل المقومات الموضوعية "للأمة"، في القرون الميلادية العشرة الأولى، فإن المكمل ...الوظيفي وهو "القومية" أي المعرفة والشعور والحركة لم يتحقق العناصر الذاتية قبل ذلك كما حدث في أوروبا، مثلاً، منذ القرن السادس عشر واستمدت طوال القرون الثلاثة التالية، فمرد ذلك أن الرابطة السياسية الأساسية في البلدان العربية كانت هي الرابطة الدينية، أي أن الدين كان المعيار الذي يحدد "المواطنة"، أو العضوية في الجماعة السياسية.
فالأمة في هذا السياق، هي جماعة المؤمنين، ما داموا قد بايعوه خليفة أو سلطاناً أو أميراً، وبما أن أساس الجامعة السياسية هي الدين آنذاك، فاستمرارها لأكثر من عشرة قرون يعين أمرين: الأول؛ أن العرب كان يمكن أن يدينوا بالولاء والطاعة لخليفة أو سلطان أو ملك غير عربي، ما دام مسلماً وما دامت البيعة قد تمت له، حتى ولو كانت بيعة شكلية، والثاني، أن في ديار الإسلام لم يتمتع المواطنون أو الرعايا العرب غير المسلمين بكل الحقوق التي كان يتمتع بها المسلمون.
وللإنصاف كانت الرابطة الدينية أساس المجتمع السياسي في معظم البلدان والمناطق غير الإسلامية كذلك، إلى أن برزت القومية بمعناها الحديث، وأصبح "الوطن" أو "الوطنية" هو الجامعة السياسية، ولم يكن سهلاً على العرب أن يستبدلوا الرابطة الدينية برابطة "وطنية" كأساس أول للعضوية في المجتمع السياسي.
أما القومية، أو الوطنية، فقد جعلت أساس الجامعة السياسية وحدة الأرض، واللغة وأسلوب العيش، والمشاركة في الثقافة عينها حتى لو اختلفت الأديان، أو الألوان بين البشر، ولا يعني ذلك بالطبع أن "الدين" وفي حالة العرب هو الإسلام وهو دين الأغلبية، ليس له دور أو مكانة، فالشاهد في الحالة العربية، أن الإسلام هو ثقافة الجميع مسلمين ومسيحيين، قبل أن يكون ديانة الأغلبية.
وقد مر العرب بمراحل متتالية قبل أن يتخلوا عن الرابطة الدينية، كأساس للإجتماع السياسي، فإلى القرن التاسع عشر كان معظم العرب يعيشون في بلدان تدين للسلطان العثماني، بالولاء والطاعة بصفته خليفة للمسلمين، ولكن بدأت البلدان والشعوب العربية بالتمرد على هذا الخضوع للسلطان وغاصت في أتون من الصراعات والنزاعات والفرقة، أيقظتها فكرة القومية العربية للخروج من وضع مزر تتخبط فيه.
إلا أن الأمة العربية وعندما حاولت الإجتماع والتوحد تحت شعار القومية العربية لم تنج من المؤامرات، فوقع معظم المناطق العربية تحت إنتداب فرنسي - بريطاني، بعدما شرعنا تمزيقها وتفتيتها، فكانت موجة ثورات الإستقلال الثانية، بعدما فشلت الأولى أبان الحكم العثماني.
استقل بعض المناطق العربية وشكلت بنيان دول، فيما ظل البعض تحت الإحتلال أو الوصاية كالجزائر وبعض الإمارات والمشيخات الخليجية، ظن بعض العرب أن جامعة الدول العربية ستكون ملاذاً آمناً للوحدة، فتحولت منذ البداية مرتعاً للتعاون بدل الوحدة، وزاد الشرخ والإنقسام فيما بعد للعديد من الأسباب الذاتية والموضوعية المتعلقة، كانت النكبة الأولى عام 1948 بخسارة فلسطين، وتلاهما نكبات ونكبات كثيرة في إطار الصراع مع إسرائيل...
وهكذا لم يجد العرب حلاً للكثير من قضاياهم، واقفين وراء خلفية المؤامرة رغم صحتها، لم يفعلوا شيئاً لمواجهاتها، بل هم اعتبروها أمراً مقضياً، فاستسلموا لواقعهم وغرقوا في سبيل مشاكلهم حكمت أنظمة لم تعرف الرحمة يوماً، فكانت المجتمعات العربية عرضة للمذلة والقهر من الداخل والخارج، واليوم يفاجأ الجميع بثورات شبابية لا أحد يعرف حتى الآن من حركها وإلى أين ستصل!!...
في هذه المناخات يأتي هذا الكتاب، حيث قام المؤلف بإلقاء الضوء على القضايا العربية المعاصرة متطرقاً إلى الحديث عن القومية والوحدة الثورات، أزمات الأنظمة، الصراع العربي الإسرائيلي ومفاوضاته وذلك كله ضمن إطار التاريخ السياسي للوطن العربي في محاولة لتلمس هذا التاريخ ولإلقاء الضوء على كنه المشاكل التي تغوص فيها الأمة العربية، طارحاً بعض الرؤى والمقترحات للإسهام في حل بعضها. إقرأ المزيد