قصائد من وحي السيف والقلم
(0)    
المرتبة: 156,286
تاريخ النشر: 24/09/2011
الناشر: الدار التقدمية
نبذة نيل وفرات:الشعر هو القول الذي يجعلك تحسّ بإهتزاز غصون الكلم وتلألؤ الحروف وعذوبة اللغة وجزالتها، فنّ يرجرج سكون النفس فيصدمها ويخلخل أركانها إذ يباغتها بالتفجير المفاجئ فيضرم فيها ما لا يقبل الإشتعال ويختطفها إلى الإتّجاه المخالف.
يخرجك عن طورك، يغيّر قناعاتك لتصبح معارضاً نفسك، يسري في عروقك كنسغ غريب فتشعر كأنك ...تتعاطى خمراً مسكِرةً ولا شراب الآلهة، يوقظك فتغيب عن الأرض التي تقف عليها أو تغيب هي من تحتك ولم تعد على نفسك بمسيطر، يحملك على أجنحة خيالية وتذهب معه مسالماً إلى حيث شاء هو كأنك أسيره تنقاد له مهما كنت مشاكساً.
إنَّه يعطّل فيك اللهجة ويجذبك عن طيب خاطر بأسلوب قسري فيحيي فيك يقظة القلب والخيال لتقبض على اللحظة بكلتا يديك فأنت في طرب يؤدّي بك إلى سُكرٍ ما بعده سُكر فتحسّ بأنك مطوّق موثَق بشباك الروعة، طائر مشتاق مفتون ببهجة الإعتقال، تتوزّع بين الكلام فيدهشك كنقش بلّوري قد يسبق اللفظ أو كسحر شعشعاني يغافل الرؤية فيخطف النظر ويتجاوز الكواكب القاحلة إلى المناطق المحرّمة، يحرّرك من الوقوف فتخفّ متخلّصاً من ثقل هذه الأرض.
فالشعر هو فنّ السحر الذي يفاجئ، هو الفنّ الذي يضيء، وهذا الشعر الذي نحتفي به هو للأمير "عادل بن حمّود بن حسن بن يونس بن فخر الدين بن حيدر بن سليمان بن يحيى بن مذحج بن محمَّد بن أحمد بن خليل بن مفرج بن يحيى"؛ وُلد سنة 1887م، في الشويفات قرب بيروت وتوفي عام 1954.
شارك في الثورة السورية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش ضدّ الإستعمار الفرنسي عام 1925م - 1927م، وكان الزعيم الثاني فيها، وارتحل مع رفاقه المجاهدين إلى الأزرق في الأردن ثمَّ إلى النبك من وادي السرحان بالسعودية وبقي هناك لغاية 1929م؛ نُعِت بأمير السيف والقلم لِما أبداه من بسالة في الحرب ولِما قال من أشعار في الثورة.
لم تُنشر قصائده أو تُجمَع في ديوان، ولذلك جمع السيد "محمد جابر" هذه القصائد والمقطوعات من مصادر ومراجع مختلفة، فبعضها من مذكراته أو من بعض الصحف والكتب، وبعضها الآخر من أفواه حفظَتْها، وقد وجد بعضاً منها غير كامل في الكتب فاستوفاه من الناس.
وهذه القصائد والمقطوعات نجد فيها من شعر الغزل والرثاء والوصف والحماسة والمساجلات، وقد قال خير الدين الزركليّ: له شعر جيّد، حلو المعاني، رفيع الأسلوب، جدير بأن يُجمَع في ديوان؛ وشعر الأمير "عادل" كالأزاهير المتفتّحة على أغصان من الفولاذ، شعر يشمخ بالنفس ونفس تشمخ بالشعر، شعر بطولة وبطولة شعر، وكيف تكون بطولة الشعر؟! أن تقول ما تريد وكيفما تريد، وعندما يقترن القول بالفعل، سيف الحرف بحرف السيف، أي عند إمتزاج الكلام بالحديد، فذلك هو القول الفصل.
وفي شعره سفر إلى أرض النجوم وسماء البحيرات والأنهار، إلى وطن الريح ومضارب الوبر، وقد رعشت يداه بخطّ عربي ربّما يتناسل على أوراق طيّارة، يلاحق خيال السنابل عبر أمواج الحقول المحمولة على السُّحُب، يعمل على تفتيح أزرار الورد ويسلّ العطر من عيون الياسمين، لقد نسج عباءة من تراب الوطن ورسم حدوده بالنجوم، وصاغ تاجاً من سماء العروبة.
وفي كلّ قصيدة يُخرج خبيئةً من خبايا نفسه أو وطنه أو زمنه، جملة تكشف حسرة وحرفاً يفتق سرّاً، وفي تصويره كان يغمس ريشته بدماء قلبه، وينحت تماثيل رخامية قد سال على جنباتها دم من أصابعه التي جرحها الإزميل، مضمخة ببقايا دموع لترسم وجوهاً لا يفارقها الإبتسام، تسبّح بعظمة الطين ورائحة الحجر على ألحان وموسيقى كانت تنساح أحياناً وتعصف أحياناً أخرى.
نقرأ له مقطع من قصيدة بعنوان: "سيف الحاجب": "أتراكَ تمنعني الصبابةَ بعدما... أعددتُ قلبي للغرامِ وقالَبي... "مهلاً سليم ففي فُروقَ كواعبٌ... ربّي يريكَ عذابَ حبَّ الكاعبِ... من كلِّ غانيةٍ يكادُ حِجابُها... ينشقّ مقدوداً بسيفِ الحاجبِ". إقرأ المزيد