تاريخ النشر: 01/09/2011
الناشر: جداول للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:"يتساءل عمر الآن عن موت جدته فضة، هل كان سهلاً ولذيذاً؟ أم أنه كان قاسياً كقسوته على آسيا؟ هل هي حقاً كسفينة حطت في مرساها؟ أكان دواء للشيخوخة؟ وهي التي كانت تشكو عبء الشيخوخة وتدعو الله أن يعجّل إنتقالها إلى جبل حالية، قريباً من أبويها، وأختها حالية، أم أن ...الشيخوخة لا تعود عبئاً حينما يدنو الموت؟ هل كانت تتمنى لو أمكن تأجيل الموت قليلاً؟.
لقد كان موتها بالنسبة لعمر أمراً طبيعياً، ليس كموت آسيا القاسي، الذي يبدو عتاباً موجهاً له تحديداً، في حين يعتبره المطوّع عقوبة من الله له، لخوفه من مشعان وسالم المهدي، وعدم مواجهتهما بالتوكل على الله، يغدو الموت أشدّ قسوة وبشاعة عندما يكون ضحاياه من نُحب، ونرى قسوته بقدر حبنا، وإحتياجنا لضحاياه.
أما بالنسبة للذين يتجرعونه فإنه كالبحر لا يغير لونه ولا طعمه أبداً، يستوي البحر الأبيض، والبحر الأسود، والبحر الأحمر، كلها زرقاء مالحة، وكذا الموت بمرارته، وقسوته وبشاعته؛ هل حقاً أن الموت ليس له وجود في حياتنا طالما كنّا أحياء، إذ مجرد ما يوجد فإننا لن نكون أحياء؟ يبدو ذلك غير مقنع لعمر فالموت الذي يخشاه وقع وعاشه في أبشع صورة وهو يختطف حبيبته آسيا، تأكد أنه ليس من السهل التحديق في الموت، فهو يرى الموت وهو يحلّ بالآخرين، ولكن الذين ماتوا ليس منهم من يستطيع أن يخبرنا عن تجربته مع الموت.
تتضخم كارثية الموت عندما لا يرتبط بعمر معين، أو بمؤشرات محددة، فما أكثر الذين ماتوا فجأة قبل الأوان، وكأن الإنسان يصبح مسنّاً ومرشحاً للموت منذ لحظة ميلاده".
وينتهي الأمر بعمر الذي عاش الموت ولم يكن بالمقابل الشخص الذي يتأمل الموت وهو يحلّ بالآخرين... أصبح واحد من هؤلاء الآخرين، "تمر به لحظات سكون لم يتذوقها من قبل... لا بأس منذ أثمن الهدوء الذي لا عهد له به، حتى في أيام إجازته لم يكن ينعم بهذا الهدوء، وضجت الأولاد وطلباتهم ليس لها إجازة، يستطيع الآن أن ينام دون أن يوقظه أحد، يحتاج فقط وسادته الرمادية، فالنوم عليها له مذاق مختلف، كان عليهم أن يضعوها تحت رأسه، عندما أودعوه هذه الحفرة..".
ويمضي الكاتب في سردياته مستحضراً الحياة بصخبها والموت بسكينته ويمضي مفلسفاً هذه السكينة التي يعرفها الأحياء... ولكن ماذا عن الأموات؟... هذا ما يجعل من الرواية عملاً مختلفاً إذ أن الكاتب يمضي في خيالاته التي تأخذه إلى ذاك العالم الذي لم يقف على أعتاب السكينة بل بدا صاخباً... وماذا عن عمر والموت؟ إنها فلسفة أخرى يمضي الكاتب وراءها إلى ما لا نهاية... إقرأ المزيد