التفسير الأثري الجامع 1/6
(0)    
المرتبة: 195,784
تاريخ النشر: 01/01/2008
الناشر: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
نبذة المؤلف:لعلّ أسبق العلوم ظهوراً مع نزول القرآن، هو علم التفسير، الكافل لحلّ معضله وبيان ما أبهم منه أو أجمل، وقد مسّت الحاجة إلى ذلك بعد أن كان القرآن هو المرجع الأعلى للتشريع وتنظيم معالم الحياة، وكان التفسير إذ ذاك مقتصراً على مراجعة الأكفاء: النبيّ الكريم وكبار الصحابة والتابعين والعترة الطاهرة، ...ومن ثمّ كان المعتمد في التفسير هو النقل المأثور عن مستند وثيق.
كان ابن عبّاس يراجع سائر الأصحاب ممّن يحتمل عنده شيء من التفسير والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي أبواب الأنصار والمهاجرين ممّن عنده علم من الرسول، فإذا وجد أحدهم راقداً - عند القائظة - كان ينتظره حتّى يستيقظ، وربّما تُسقى على وجهه الربح، وبذلك كان يستعيض عمّا فاته من العلم أيّام حياة النبي صلى الله عليه وسلم لصغره، فيستطرق أبواب العلماء من صحابته الكبار، وكان مع ذلك من أنبه تلاميذ الإمام أمير المؤمنين رضي الله عنه وأنبلهم، يأخذ منه العلم ليل نهار، قال: "كلّ ما أخذت في التفسير فهو عن عليّ رضي الله عنه".
وكان مجاهد بن جبر من أوثق أصحاب ابن عبّاس، وقد عرض عليه القرآن ثلاث مرّات يوقفه عند كلّ آية، يسأله فيها ما شاء، قال ابن أبي مليكة: رأيت مجاهداً يسأل ابن عبّاس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فيقول له ابن عبّاس: اكتب، حتّى سأله عن التفسير كلّه؛ إذن كان الأصل في التفسير هو النقل المأثور عن مصدر متين، وحتّى بعد أن ظهر التفسير الإجتهادي في الوجود، كان التفسير الأثري من أوثق أركانه وأعظم منابعه في الإستخراج والتحقيق؛ هذا مجاهد - هو أوّل من أعمل النظر في التفسير - كان معتمده الأوّل في الإجتهاد وإعمال الرأي هي تلك الآثار التي ورثها من شيوخه ومن أكبرهم ابن عباس، وعليه فالتفسير بشتّى أنحائه وأشكاله لا غنى له عن مراجعة الأصول والأقوال المأثورة عن السلف الصالح وسائر الأعلام.
غير أنّ هناك بعض الخلط بين السليم والسقيم من تلك الآثار، بما يستدعي تمحيصاً وتحقيقاً شاملاً، لكي يمتاز الصدف عن الخزف وتخلص الجواهر من الأحجار؛ وهذا الذي بين أيديكم محاولة لمعرفة الصحيح من الضعيف من الأخبار، فيما يعود إلى تفسير القرآن الكريم، محاولة في ضوء محكمات الكتاب والسنّة القويمة، عرضاً فنّيّاً وفق أصول تقييم الآثار. إقرأ المزيد