تاريخ النشر: 01/01/2004
الناشر: المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر
نبذة نيل وفرات:ما إن خلت ساحة السجال الأيديولوجي من الخصماء حتى تدافعت إليه مقولات الصراعات المونادية ليَحْمَى وطيس معركة كادت أن تضع أوزارها؛ إنها الصراعات التي عبرت عنها تلك الصيحات المعاصرة حول الحضارات تارة، وحول الأصوليات تارة أخرى وريثة صراع الأيديولوجيات.
إنها لا تعدو كونها أعمال نبش في تربة المعمورة لتستل من ...أيديهما مشروعات تبرر بها مقولاتها الصراعية التي شكلت هوس العقل المعاصر، فمن صدام بين الأيديولوجيات مع فرانسيس فوكوياما، إلى آخر بين الحضارات مع صمويل هنتنغتون، إلى آخر بين الأصوليات مع طارق علي أخيراً.
إن مشروع طارق علي السردي لصدام الأصوليات لا يعدو أن يكون قراءة عكسية لنهاية التاريخ عند فوكوياما وصدام الحضارات عند صمويل هنتنغتون، فما الأصوليات المتصارعة التي يترصد خطواتها طارق علي، ما هي إلا الأساس الأرثودكسي للأيديولوجيات إسلامية كانت أو عربية، وهي نفسها الحضارات إذ أنها تحمل أبجديتها، وما بين هذه وتلك يكمن التعصب لب الأيديولوجيا والأصولية، وراعي الحضارات وحارس بابها.
إن كتاب طارق علي "صدام الأصوليات" يعبر عن ذلك النفور الماركسي التروتسكي من خصم استولى على المنطقة وعلى مقدراتها وسياسات حكامها ليبحث بدوره عن مقعد وثير في خضم ذلك الصراع العالمي الذي احتدم، إنه يشكل جوهر الرسالة الماركسية في "كوننة" العالم، الكومينترن الباحث بدوره عن تقدير الذات الثيموس الفوكويامي الجماعي، والحضارة المنتصرة الهنتنغتونية.
إن سردية "مائة عام من العبودية" الفصل الثاني من هذا العمل، كتيب يعبر عن العداء الماركسي الشاجب لأصوليات المنطقة العربية والشرق أوسطية، ليزف من وراء هذا النص وهذا الشجب أصوليته التروتسكية، نهاية التاريخ الماركسية التي يحاول من خلالها إعادة ترتيب الصفحات التاريخية لهذه المنطقة؛ إذ لم تنج من سياطه الكثير من التيارات والأيديولوجيات، وفي مقدمتها الناصرية التي أعجب بها الكاتب في مرحلة مبكرة من حياته.
لقد امتلأت أجزاء هذا الفصل وحفلت بالكثير من الموضوعات، إلا أنها على الرغم هذا التشتت والمدى المترامي لها لا تخلو من حبل سري يربط بينها، يظهر أحياناً بجلاء إلا أنه كثيراً ما يختفي في إستحياء، ولكنه يظل مع هذا متابعة ومطاردة للوعي الميثولوجي "الفوكويامي" في خاتم البشر، وترصداً للظهير الحضاري المنتصر "الهنتنغتوني".
ففي الجزء الأول من هذا الفصل "ذكرى ربيع" ينصّب طارق نفسه مدافعاً عن التروتسكية ومبشراً بعالميتها، وهو يطوف أرجاء باكستان ليلقي الدرس تلو الدرس عن فضائلها، ويكتب في قالب تاريخي مساوئ أعدائها، إنها كورونولوجيا يحاول من خلالها طارق علي أن يمد لسانه للنص الفوكويامي الذي نعى بحرقة الأيديولوجيا الماركسية!.
وفي الجزء الثاني منه "جذور الوهابية" يسلط الكاتب الضوء على تلك المصاهرة السياسية بين الوهابية وحكم ابن سعود، ومحاربة الإمبراطورية العثمانية "موطن أيديولوجيا الخلافة الإسلامية" لهما ومحاربتهما لها، حتى يكشف الكاتب رويداً رويداً عن هويته "اللا- ليبرالية" ليقدم عرضاً مسرحياً مأساوياً وهزلياً معاً عن شركة الهند الشرقية ونشاطها الماركنتالي المشبوه، وسخائها وبهارجها التي لا تعبر إلا عن أضواء الليبرالية الغربية التي دافع عنها فوكوياما أيديولوجياً، وسلط هنتنغتون الضوء على حضاراتها الغربية السابقة للحداثة، وعند طارق علي مع ذلك النفر من الأمريكان الذين جاؤوا لينشروا الغرباوية ومعها الحداثة ولعابهم يسيل من أجل النفط "اللعنة السوداء".
أما الجزء الثالث "مملكة الفساد" فهو قراءة معكوسة لما بعد التاريخ عند فوكوياما، حيث الإقتصاد هو المسيطر والمسير لخاتم البشر؛ إذ يجعل طارق علي من الإقتصاد العمود الذي شُيدت عليه مملكة الفساد الذي أعطانا مثالاً عنه في ذلك الإرتباط المصلحي ما بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية، ودور النفط في قتل: "الثيموس" الشرق أوسطي، وإغتيال حضارته، إنه الإقتصاد الذي من أجله رفع طارق علي عقيرته على الكثير من شخصيات المنطقة كملك الأردن عبد الله الذي يذهب طارق علي إلى أنه تلقى سعراً زهيداً من الإسرائيليين وباعهم فلسطين رخيصة.
أما الجزء الرابع "الصهيونية وحرب النفط والمقاومة" فإن طارق علي يسلط الضوء فيه على دور الولايات المتحدة في محاربة الكولونياليات التقليدية من أجل أن تحل محلها... كذلك دور الماركسية والأحزاب الشيوعية في إثارة الثورات السياسية والشعبية، ودور الإتحاد السوفييتي في إنارة المنطقة سياسياً ونضالياً كدورها في مصر إبان حرب السويس.
أما الجزء الخامس "هوامش على دفتر النكسة" فإنه يتميز بهامشين أساسين: هامش عن دور الغرب وسياسته في مولد هذه النكسة، وهامش آخر عن دور الأيديولوجيا الإشتراكية في تضميد الجراح التي نزفت من جراء هذه النكسة على الشعوب ودول المنطقة وكبار شخوصها ومفكريها.
أما الجزء السادس "عداء الحمقى للإمبريالية" فيتناول تهافت الحمقى، وهم الدينيون في مصر وإيران وغيرهما من دول المنطقة، وتخبطهم في التعامل مع الإمبرياليين، وكانت الأحزاب اليسارية والقومية ضحايا هذا التخبط وذلك التهافت.
أما الجزء السابع والأخير من هذا الفصل "محيط من الرعب" فيتناول الكاتب فيه دور الغرب وأمريكا - التي يعتز فوكوياما بمواطنيتها، وهي المواطنية التي يذكرها عليه، وبخفاء شديد، صمويل هنتنغتون الذي فصل بين الغرب والحداثة، دورهما في إثارة الرعب في العديد من دول المنطقة في مقدمتها العراق الذي قصفاه بأطنان "مطننة" من القنابل، وفرضاً على شعبه حصاراً إقتصادياً، وعلى رئيسه صدام حسين دوراً معيناً، فلما تمرد أخيراً أشبعوا العراق قصفاً... وما فتئوا.
إن هناك موضوعات - ولا شك - هامة أخرى في هذه الأقسام التي ألحقنا بأسفل صفحاتها هوامش تعريفية، وأحلنا هوامش الكاتب نفسه إلى نهاية الفصل، ذلك الجزء من الدراسة الذي يعبر كشف حساب تفصيلي يقدمه الكاتب من أجل محاسبة شعوب المنطقة ودولها وحتى أديانها، ليقدم إلى الأمة البديل المبرأ من كل الآثام، والمنزه من كافة الخطايا والنكسات الماركسية تلك "الطوبى" المكابرة التي ما انفكت ترغى وتزيد رافضة التعايش مع الآخر.. الآخر المنتصر.نبذة الناشر:ما إن خلت ساحة السجال الأيديلوجي من الخصماء حتى تدافعت إليه مقولات الصراعات المونادية ليَحْمَى وطيس معركة كادت أن تضع أوزارها.
إنها الصراعات التي عبرت عنها تلك الصيحات المعاصرة حول الحضارات تارة وحول الأصوليات تارة أخرى وريثة صراع الأيديولوجيات؛ إنها لا تعدو كونها أعمال نبش في تربة المعمورة لتستل من أيديهما مشروعات تبرر بها مقولاتها الصراعية التي شكلت هوس العقل المعاصر، فمن صدام بين الأيديولوجيات مع فرانسيس فوكوياما إلى آخر بين الحضارات مع صمويل هنتنغتون إلى آخر بين الأصوليات مع طارق علي أخيراً.
إن مشروع طارق علي السردي لصدام الأصوليات لا يعدو أن يكون قراءة عكسية لنهاية التاريخ عند فوكوياما وصدام الحضارات صمويل هنتنغتون، فما الأصوليات المتصارعة التي يترصد خطواتهعا طارق عليّ إلا الأساس الإرثودكسي للأيديولوجيات، وهي نفسها الحضارات إذ أنها تحمل أبجديتها، وما بين هذه وتلك يكمن التعصب، لب الأيديولوجيا والأصولية وراعي الحضارات وحارس بابها. إقرأ المزيد