تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: دار البشائر للطباعة والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:يقول المصنف أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي في مقدمة كتابه جول الغرس: كل ذات حافر أجْوَدُ وقت الحمل عليها بعد نتاجها بسبعة أيام وحينئذٍ تكون فريشاً والجماع الفرائش، قال ذو الرمة [البحر البسيط]: بانت يقحمها ذو أزمَلٍ وَسِعَتْ... له الفرائش والسُّلبُ القياديد [...] ويقال لها إذا أرادت ...الفحل قد اسْتَوْدَقَتْ وهي وديق، وإذا امتنعت على الفحل وحملت قيل قد أقصت وهي مُقِصٌّ، فإذا عظمُ بطنها قيل قد أعقَّت وهي عَقوق، وإذا أشرِق ضَرْعها للحمل قيل قد ألْحَقَتْ فهي مُلمِعْ؛ قال الأعش [البحر الحفيف]: "مُلْمِعِ لاعَةِ الفؤاد إلى حَحْشِ فَلاهُ عنها فبئس الغالي [...].
ويقال للسباع ألّمَعَتْ أيضاً ويقال للظِلْف خِلْفٌ، والجمع أخلاف للحافر والسباع طُبْى والجمع أطباء، فإذا نتجت الفرس فولدها أول ما يكون مُهْراً ثم يكون إذا بلغ ستة أشهر أو سبعة حروفاً، قال [البحر البسيط]، كانت بها خُرْفٌ وافٍ سنابكها... فطأطأت بُوّرافي، هويةٍ جُدَدٍ [...].
فإذا بلغ السنة فَفُظِمْ فهو فَلُوُّ وجمعها فِلاّء ممدود فإذا أطاق الركوب: قيل أركب وذلك عند إجذاعه يقال قد أجذع إجذاعاً سريعاً، فإذا ألقى ثَنِيَّتَيه قيل قد أثنى إِثْناءً فإذا ألقى رَباعيِتَه قيل قد أربع إرباعاً فهو رَباعٍ والجمع الرَّبْعُ ساكنة، فإذا ألقى أقصى أسنانه قيل قد قَرَحَ وقروحه وقوعُ السنّ التي تلي الرباعيّات وليس قروحه بنابِه وله أربعة أسنان يتحول من بعضها إلى بعضٍ فتبدأ السن الأولى فيكون فيها جذَعاً ثم يكون ثَنِيّاً ثم يكون رباعيّاً ثم قاوياً والجذعُ زمن ليس بسنّ تنبت ولا تسقط، وقال أبو زيد يصف لبوة [البحر الوافر] تبني القَرْبَتيْنٍ له عيأل... بنوه ومُلْمعٌ نصف ضَرُوسُ... ويقال للفَرَسِ إنه لعظيم الحفرة إلى الجوف والزَّفْرة والمُهْرَةُ واحد وهو الوسط قال النابغة الجعدي [البحر البديل]: فتَأَيَّا بطريرٍ مُرْهَفٍ... جُفْرَةَ الحَزْمِ منه فَستعلْ [...]
الأصمعي والخيل كتاب رائد أحاط بالخيل خلقاً وخصالاً... وتكلم في أنسابها، ويقف هذا الكتاب بين مؤلفات الأصمعي المطبوعة، صغير الحجم عظيم الفائدة شاهداً على أسلوبه الفريد، وعلمه ودقته.
والأرجح أن الأصمعي أنجز كتابه "الخيل" في ختام النصف الأول من عمره المديد، إذ أنه يكثر من ذكره، وربما قاس عليه كتباً أخرى له، وفي كل الأحوال فهو من أقدم ما صنف في العربية عن الخيل، وكان أول من عني بتحقيق مخطوطه ونشره المستشرق "هفنر" الذي نشره بقيينا عام 1895 معتمداً في تحقيقه نسخة خطية واحدة، هي نسخة مكتبة كوبرللي بتركيا برواية العلامة أبي علي الفارسي المتوفي سنة 377هـ.
وللكتاب مخطوطان آخران محفوظان في المكتبة الظاهرية بدمشق، يعود تاريخ نسخ أولهما إلى 410هـ، والثاني به هامش للعلامة "أبو بكر الباقلّاني" صاحب كتاب "إعجاز القرآن" - بتاريخ 425هـ.
وقد بدأ الكتاب بإسناد روايته إلى أعلام كبار ثبتوا نسبته إلى مؤلفه، ويمكن حصر كتاب "الخيل" كما أوردها "الأصمعي" شعراً ونثراً في عشرة أبواب هي: 1- حَمْل الخيل ونتاجها، 2- أسنان الخيل، 3- خلق الخيل ووصف أعضائها، 4- ما يُستحب في الخيل، 5- ما يُكره في الخيل، 6- العيوب في الحافر، 7- صفة مشي الخيل وعدوها، 8- ألوان الخيل، 9- الشيات، 10- الخيل المنسوبة.
والأصمعي يذكر عنوان الباب ثم يورد ما يتعلق به من مَثَل ونثر وشعر ويفسره، كقوله: ومن ألوان الخيل: الكمتة والحمّة، وهو أحب الألوان إلى العرب مع الحوّة، والكمتة: حمرة تدخلها قنوء، يقال أكماث يكماتُ ألميتاناً، ويقال: أكمت يكمتُ أكتاناً ويقال: ادهامٌ يدهام أو هيماماً، وفي الكمتة لونان: يكون الفرس كُمياً مدمىً (شديد الحمرة) ويكون كمياً أصم، وأشدّ الخيول جلوداً وحوافر: الكُمت والحُمّ، ومنها الصغرة: يقال: فرس أصغر وفرس صغراء، ويسمى الفارسية الزّرد، ولا يسمى أصغر حتى يصغرّ ذنبه وعرفه، ومما ذكره الأصمعي عن صفات الخيل: ما سبق في الرهان فرس أهضم قط، والأهضم هو ضامر البطن، وعندما قال "أبو النجم"، الشاعر يصف فرساً: "تُطيّره الجن وحيناً ترحيله، تبوح أخراه ويطفو أوله"، قال الأصمعي: إذا كان الفرس كما قال أبو النجم فحمار الكساح أسرع منه، لأن اضطراب مؤخره قبيح، وقال: كان أبو النجم وصّافاً للخيل إلا أنه غلط في هذا البيت، وهو نقد يدلّ على سعة معرفة "الأصمعي" بالخيل وبالشعر معاً، مع ذهن صافٍ، وذائقة سليمة، وأنه إذا كان هناك بين من كتبوا عن الخيل بعض من كتب على طريقة "حاطب الليل" بأن جمعوا عبارات لا يدركون كل معناها، وألفاظاً لا يعرفون سرّ اشتقاقها وأصل مبناها. إقرأ المزيد