تاريخ النشر: 01/01/2008
الناشر: النايا للدراسات والنشر والتوزيع
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"أحببت الكلمة الجزئية والواضحة، وآمنت بدور الكلمة في التغيير منذ كنت يافعاً وأرى دورها لا يتراجع، بل يتعزز على مستوى الإنسانية أجمع، شرط أن نعرف أية كلمة، بمعنى أية معرفة، يجب أن تطلب أو تطرح أو تستخدم أم تنتج، فلم يمر على البشرية عهد تلعب المعرفة فيه دوراً كهذا ...الزمن، والكلمة أو المعرفة يمكن أن تكون كتاباً أو مقالاً، مسرحية، فيلماً سينمائياً، دراما تلفزيونية، صورة على شاشة، لوحة، تمثالاً، أنغاماً موسيقية، بحثاً علمياً"... إلخ.
كل يقول كلمته على طريقته، وحسب إمكاناته وتوجهاته وإختصاصه، والكلمة يمكن أن تكون معولاً أو جرافة تهدم لكنها يمكن أن تكون ملاطاً يجمع ويبني لحمة المجتمع وقواه، ودافعاً نحو آفاق المعرفة والإنتاج والتغيير والتقدم، الكلمة حرية حمدي قنديل في برنامجه التلفزيوني "قلم رصاص" يرى أن الكلمة التي يخطها قلم، قد تتحول في فعلها إلى فعل الرصاص؛ فالكلمة الرصاصة "المناضلة" لا يمكن أن يكون دورها مغفلاً في صناعة الحياة والمستقبل، ولا يستطيع صاحبها أن يقول، أولاً يجوز له أن يقول: إما أن تنفذوا ما أقول أو سأسكت، فحقه ودوره وواجبه أن يقول ما عنده بحرية، ملتزماً بمنطق الحرية المسؤولة ومصارحة المجتمع بالكشف والنقد.
وهنا ينتهي دوره ككاتب أو يكاد وللمجتمع حق إستثمار أو إهمال ما يقول، والكارثة ألا يستطيع المجتمع أن يستثمر ما ينفع الناس من كلام المتكلمين، ومن الصعب أن يهمل كلاماً ذو قيمة إهمالاً تاماً، فأثره قد يبقى إنما يشكل قد لا يكون لافتاً.
لقد عبر المبدع "محمد الماغوط" عن دور الكلمة عند المبدع "زكريا تامر" في كلام مكتوب على غلاف كتاب لزكريا عنوانه "النمور في اليوم العاشر" مشيراً إلى أن زكريا الذي خرج من بيته في حي دمشقي حيث كان يعمل حداداً يبقى في حالته كأديب - يعمل حداداً ولكن في وطن من الفخار، لم تصمد أمامه إلا المقابر والسجون، وإذا كانت المقابر والسجون قد استعصت على زكريا حسب كلام الماغوط، فنرجو ألا يكون الوطن عقيماً فيجود الزمان بمن يستطيع تحطيم السجون بكلماته أو بيديه، ولو كان هناك من أمل في تحطيم المقابر لما نجلت في رجاء تحقيق هذه الأمنية؛ ضمن هذه المناخات تأتي مجموعة هذه المقالات والتي جمعها هم واحد وكذلك عنوان واحد... مع الحرية ضد الفساد.
يدعو كاتب هذه المقالات والذي أهمته قضايا وطنه وهموم إنسانه إلى حركة بإتجاه تغيير يروم إصلاحاً من خلال وسائل التعبير كافة من صحافة وإعلام وفن وو... وحتى من خلال مطلق عمل، إذ هو يرى بأن الأولوية هنا للتغيير العملي، أي للمزيد من الإنتاج، وتصحيح الوضع الآسن وتحمل المسؤولية... والمسؤولية أولاً وأخيراً هي تغيير الواقع بإتجاه الأفضل، ومن لديه قدرة على ذلك، مهما كانت ضئيلة فهو مقصر على الأقل.
والكاتب صاحب هذا الهم وبعد ذلك كله... مع الحرية ضد الفساد... مع العقل ضد الخرافة... مع التسامح ضد التعصب... مع الوطن ضد الفئة... هو مع هذه الثنائيات التي تحكم إنشغالات الكاتب... أي كاتب عندما يتوجه إلى الناس عبر الصحافة ويكون صادق الإنتماء إليهم وإلى همومهم وقضاياهم، وإلى ذلك كله يرى صاحب هذه المقالات بأنه... وعند لحظة معينة وعنده تضيق الصحافة عن هذه المعاني والهموم، فلا معنى لأن يسوِّد المثقف أعمدتها بكلام لا يقدم ولا يؤخر.
ومن المهم ألا يسكت المثقف، لكن الأهم أن يحمل كلامه نبض الناس، وإلا فإن سكوته أكثر فائدة... وبين هذا وذاك... تبقى الكلمة فسحة للحرية، ويجب أن تبقى كذلك... والمجرم من يرى في الكلمة الطيبة والجريئة جدية. إقرأ المزيد