تاريخ النشر: 29/09/2009
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:"وكأن الحرية هربت من كل المطاردين لها، والحقيقة لجأت من كل مدع يريد سرقتها، والإيمان ملّ من كونه مبرراً لكل غاية، فطاب لهم البقاء معنا في سجون الإنسانية".
يعتبر القاص السعودي "أن الروائي في معظم الأحيان ينطلق من تجربة ذاتية قد لا يكون لها مهمة واضحة المعالم سوى التعبير عن ...الذات وما يشغلها من هموم وتمثيل النفس كاختزال يجمع الروائي فيه العديد من الهموم والقضايا التي تخصه وتخص محيطه الاجتماعي بكل متغيراته". فيطبّق هذا الاعتبار في كتابه هذا الغني بالتداعيات والأفكار والاستنتاجات من خلال هذه المجموعة القصصية والمشاهد الحياتية الواقعية المعبّرة التي تحيط به وتهمه أو تعنيه، ويتطرق إلى مواضيع متعددة هامة يضعها على بساط البحث المتعمق في فحوى حياتناً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
"وعدت أمشي بذاكرتي على حدود جدار كان بالقرب من مدرستنا"، ينقبّ في الذاكرة ويصف الأصدقاء، ويحلل مفهوم الثقة التي هي: "كائن ينمو على الابتسامات"، و"يخفي وراء ظهره كل لحظات الشك، ويقتات على حسن الظن، ونخاف أن نقتله يوماً".
يعلّق على أوضاع الوطن الموجعة الرتيبة، ويعجب لرؤية القادم من أوروبا الذي "يجعل من أسوأ احتمالات الواقع جنة ممكنة لنا"، والذي يصف حياة المقيم "بالفوضى التي تخلق الإبداع".
في السجن "يبدو يا صديقي الجدار أن عينيك أيضاً يمكنها البوح بأمور كثيرة. أتعلم؟ لن أمسح عينيك، سأفعل أمراً أكثر إنسانية، سأرسم لك نظارة شمسية".
يقف منتقداً وضع المرأة في المجتمع وحالها في مسائل الزواج والطلاق: "لقد اتفق الرجال في عالمهم على قدري، ولم يبق لدي سوى الإقرار بأنني امرأة اختارني أحدهم والآن يقرر تركي. وبين كلا الاختيارين لم يسألني عن خياري..".
يتطرق أيضاً إلى مواضيع القدر والبحث عن الله، ووصف وقع الموت على الآخرين وعلى الرجل الذي تربى على أن "هذا الوقت لدموع الجميع عدا دموعه". كما وصف حالات المرض، والأوضاع في المستشفى الذي هرب منه، "خرجت بين الممرات استمع لعويل المقيمين في هذا المستشفى، وضحكات الكادر الطبي تلقي ظلالاً سوداء من عدم المبالاة. أكاد انفجر فيهم غضباً، أحدثهم عن الإنسانية وعن الألم في عيون الآخرين كيف يجب أن نخشع له".
تشغل الكاتب هموم فكرية وذهنية و"معضلة التفاضل والتكامل بين عقلي وقلبي"، فـ"هل على الإنسان المفاضلة بين فضيلة سماوية المنشأ وفضيلة تنمو في داخل طينه؟"
"وتعلموا أن الكلام إن شاع في أفواهكم/إثم يطال صغيركم وكبيركم/ويبيح للحكام حق جهادكم/بعقيدة الصمت التي دانت بها أوطانكم".
ما هو تأثير قراءة مقدمة ابن خلدون في عمر التسع سنين؟: "يعني أن أرى العالم كله وينطبع في عقلي بمفاهيم الماضي، ويدوم الماضي في كل شيء مني حتى أكاد أصبح أقدم إنسان ولدته نساء الأرض".
كتاب ذو قيمة أدبية وفكرية، يتضمن قصصاً واقعية سلسة الأسلوب، ممتعة القراءة، تحليلها جاد، واستنتاجاتها مسؤولة، تنبع أفكارها وأسئلتها المشروعة من عمق البحث وحب المعرفة. إقرأ المزيد